لم أكن أعي لهذا الحب المكنون بداخلي له، لم أكن أتصور يوماً مدى تأثري برحيله، فأثناء سماعي لخبر وفاته شعرت بأن شيئاً بداخلي بدأ يتقلص حزناً يُصدر عبراته الخانقة، فؤادي يخفق بشدة أبحث عن مصدر ينفي هذه الإشاعة، وحينها جحظت عيناي عند وقوع ناظري على مانشره أحد الأمراء في أحد مواقع التواصل الاجتماعي (انتقل إلى رحمة الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أسكنه الله فسيح جناته)، فتمرد الدمع وطغى على العين، وبكى القلب قبلها، وصارت وفاته مرثية ألم وحزن لم أجد كلمات تصف مشاعري في تلك اللحظة التي سمعت فيها صوته وهو يقول «يعلم الله أنكم في قلبي أحملكم به وأستمد قوتي من الله ثم منكم فلاتنسوني من دعائكم».
وداعاً يا ملك العروبة والإنسانية، وداعاً يا ملك القلوب والتواضع والرحمة، وداعاً يا من كسر قلوبنا فقده، برحيلك غفت الفرحة بقلوبنا، برحيلك بكت قلوبنا حزناً، برحيلك غصة في الجوف أدمت خواطرنا.
مات ولم تمت إنجازاته لن ننسى ماحيينا الأثر الكبير الذي أحدثته إنجازاته والنهضة التي علت في عهده ولا يخفى على أي إنسان في هذا العالم جهوده المبذولة لوطنه وشعبه وإنسانيته التي أهداها للجميع دون استثناء، ففي عهده تمت التوسعة للحرمين الشريفين، إذ إزداد عدد المصلين بعدها ووصل إلى ثلاثة ملايين مصلي في آن واحد، إضافة إلى الخدمات والمرافق لذوي الاحتياجات الخاصة وقطار المشاعر للربط بين مشاعر الحج، وتأسيس «خمس وعشرين» جامعة جديدة في مختلف مناطق المملكة، ونلاحظ في عهده أيضاً كثرة مكاتب الدعوة والإرشاد، وذلك يُظهر لنا اهتمامه -رحمه الله- بالجانب الديني، والدعم المادي الذي قدمه للوزارات من أجل التطوير، ولن نغفل مشروع النقل العام «مترو الرياض» الهادف إلى تقليص الإزدحام المروري وتحسين النشاط الاقتصادي للعاصمة الرياض.
ومما يجدر ذكره هُنا الحنكة السياسية في المواقف والأزمات السياسية التي أصابت الأمة العربية، حديثنا عن إنجازات ملكنا الراحل يسهَب ويطول ولا ينتهي.
وتتوجه أحرُفي وهي مليئة بالتفاؤل والأمل والحب إلى الملك المحبوب سلمان بن عبدالعزيز الذي لا يقل حبنا له عن فقيدنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز... فهو ذو تاريخٍ مشرّفٍ وفكرٍ نيِّرٍ وبه تتواصل مسيرة الخير والتطور والازدهار والنماء التي بدأها أخوه وأبونا عبدالله، (خير خلف لخير سلف).
* وكلماتي الآن أكتبها بدمع الألم وجمرة الفراق لوالد المسلمين: الموت لن يترك صغيراً ولا كبيراً، لن يترك ملكاً ولا فقيراً... جميعنا راحلون من هذه الدنيا الفانية ويبقى وجه ربي العزيز الحكيم، فأعفوا وسامحوا وأصفحوا فجميعنا نغفو اليوم ولا نعلم هل نصحو غداً.
* وأختمها بالدعاء لملك الإنسانية، اللهم أبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأغسله بالماء والثلج والبرد، اللهم ضاعف حسناته، اللهم إنه ضيفك فأنسه في وحشته، اللهم إن قلوبنا معلقة به فلا تحرمنا لُقياه في جنتك يا أرحم الراحمين.
بابا عبدالله: تركت شعبك يتيماً.
- روان بنت محمد المسلم