رقية الهويريني
الحق أنّ مدارس التعليم العام تخرِّج طلبة يقضون عدة سنوات في مدارسهم دون التحصيل العلمي المطلوب، ومن ثم لا يهيئهم لمستقبل جامعي لائق. وأكبر دليل على ذلك اضطرار الجامعات لوضع اختبار القياس والتحصيل، والعمد لدراسة سنة تحضيرية تسبق التعليم الجامعي، ومردّ ذلك عدم الثقة بمخرجات التعليم العام! وهذا ملموس على المستوى الفردي والاجتماعي! فبنظرة خاطفة لحسابات تويتر وقراءة التغريدات، يمكن الملاحظة - دون مشقة - الضعف الشديد في الإملاء والتعبير ناهيك عن ركاكة الأسلوب ورداءة الحوار واللا مبالاة في ذلك، وهو نتاج طبيعي للتعليم الهزيل الذي اهتم بالكم دون الكيف!
فالوضع التعليمي للطلبة مزرٍ بسبب ضعف كفاءة أغلب المعلمين، فضلاً عن المنهج التلقيني والنجاح المرقع بالترفيع، تبعاً لفكرة افتراضية نجاح الجميع، استناداً على اقتصاديات التعليم التي تقضي بعدم الرسوب مطلقاً كونه فاقداً اقتصادياً دون النظر للمسألة التعليمية!!
ولأنّ مسؤولية التعليم مسؤولية كبيرة والتركة ثقيلة؛ فإنها تحتاج جهداً مضاعفاً واختياراً دقيقاً للقيادات وإعادة هيكلة لأكثر إداراتها، والاهتمام بتقييم الماضي والتخطيط للمستقبل، والاستعانة بالخبرات الوطنية والتجارب الدولية في هذا المجال لإكساب الطلبة المهارات الاجتماعية، إلى جانب التعليم الأكاديمي وما يتناسب معه من صقل للسلوك وتدريب على المناقشة والحوار البنّاء، وتعميق الانتماء للوطن والمحافظة على مكتسباته وعدم العبث بأمنه، وتقدير المواطنين وحفظ حقوقهم، وترسيخ القيم الأخلاقية مثل رفض جميع أشكال العنف، وتعزيز مكانة المعلم كركيزة هامة في العملية التعليمية.
ونأمل من الوزير الجديد تهيئة البيئة المدرسية، باشتمال المدارس على فصولٍ ومعامل مناسبة ولائقة للدراسة، وعلى مطاعم لتناول الغداء وصالات رياضية لتكون ملائمة لإطالة اليوم الدراسي الذي أصبح ضرورة، تبعاً لانشغال الوالدين بوظائفهم في القطاع الخاص، حيث لا ينتهي دوامهم إلا عند الخامسة مساء، وهذا كفيل بعدم بقاء الأبناء مع الخدم مدة طويلة.