كل يوم يمضي على ابن آدم يبعده عن الدنيا ويقربه من الآخرة، وقد قال أحد السلف رحمهم الله: يا ابن آدم كلما ذهب يومك ذهب بعضك! إن المؤمن إذا انتقل إلى الدار الآخرة فرحمة الله الواسعة اذا شملته باذنه تعالى قبل عمله الصالح فهي المعينة والمنجية له من أهوال يوم القيامة، وعلى المسلم ان يعمل بما يرضي الله عز وجل ويوافق هدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فالموت مكتوب على الإنسان أحب ذلك أم كرهه! وكم فقدنا من اهل وأقارب وأصحاب في هذه الدنيا رحلوا عنا إلى الدار الآخرة.. اللهم ارحمنا واغفر لنا واياهم واجمعنا بهم في الجنة وجميع المسلمين..
إن كل إنسان لايعلم كيف يموت ومتى وأين! قال الله تعالى: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}. نحن نسمع بين وقت وآخر عن موت قريب من الاقارب أو صاحب أو عالم من العلماء خدم الاسلام والمسلمين، فهل نتعظ من ذلك كله؟! ومن حين لآخر لابد لنا ان نزور المقابر لزيارة قريب أو صديق أو عزيز نواريه الثرى. فلا يكفي ان نتأثر حال وجودنا في المقبرة فقط. بل لابد ان يكون واعظ الموت موجودا داخلنا باستمرار. اذ يجب على المرء ان يعد نفسه من اهل القبور لأن القبر كل يوم ينادينا ويأخذ منا من يأخذ!! والانسان لا يعلم متى يفاجئه الموت ليصبح رهين قبره. جعل الله قبورنا رياضا من رياض الجنة وليست حفرا من حفر النيران.
والقبر صندوق العمل ومستودع لما يدخره الانسان ويعمله في حياته ودنياه. يقول الله تبارك وتعالى (من أي شيء خلقه، من نطفة خلقه فقدره، ثم السبيل يسره، ثم أماته فأقبره) اذ لم يتعظ الانسان بالموت واهواله والقبر فبماذا يتعظ؟ لان الموت نعم واعظ للانسان في حياته. وقد قال صلى الله عليه وسلم (كفى بالموت واعظا) والشاعر يقول:
بيوتنا تبنى ونحن ما تبنا
ياليتنا تبنا من قبل ان تبنى
لذلك فإن أموراً مهمة ومحرمات يجب على المسلم أن يبتعد عنها حتى ينجيه الله من عذاب القبر منها الشرك بالله عياذاً بالله من ذلك، الربا لأنه محاربة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، الخمر، فهي أم الخبائث أعاذنا الله منها، أكل أموال الناس بالباطل وترك الصلاة والعياذ بالله، لهذا يجب الابتعاد عن الكبائر والموبقات عموماً. يقول الله تعالى يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء ، المقصود بالتثبيت هنا كما ذكر ذلك احد علمائنا الافاضل جزاهم الله خيرا هو السؤال في القبر فهذه الآية الكريمة نص صريح في اثبات سؤال القبر كما قرر ذلك واثبته العلماء، وقد جاء في الحديث الشريف الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال (المسلم إذا سئل في قبره يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) فذلك قوله تعالى: (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة). اللهم ثبتنا عند السؤال وعلى الصراط وقنا عذابك يوم تبعث عبادك، واللهم اكتب لنا التوبة النصوح واقبلها منا.. وأمتنا على التوحيد الخالص لك سبحانك واغفر لنا ولوالدينا واقاربنا وذرياتنا وجميع موتانا ولاتمتنا الا وانت راض عنا. آمين يارب العالمين.
- عبد الله بن عبد العزيز الفالح