جدة - صالح الخزمري:
ودعت الاوساط الثقافية الشاعر واللغوي محمد إسماعيل جوهرجي عن عمر يناهز الثمانين عاما، وقد عاش الراحل شاعرا ومات شاعرا فكان الشعر معه حتى لحظاته الأخيرة عندما كان مشاركا بقصيدتين في تكريم د. عبد العزيز خوجة بثلوثية محمد سعيد طيب ففاضت روحه بعد مشاركته بوقت وجيز، الأمر الذي شكل صدمة لكل من حضر ذلك المساء وحزنا على رجل خدم اللغة العربية ودافع عنها وأبدع في علم العروض ناهيك عن شعره الذي يعرفه القاصي والداني.
بداية عبر معالي د. عبد العزيز خوجة – وزير الثقافة والإعلام السابق – والذي شهد اللحظات الأخيرة للراحل الجوهرجي رحمه الله في دار المستشار محمد سعيد طيب عبر عن حزنه الأليم لفراق واحد من أوفى أصدقائه، وقال والألم يعتصره كانت فاجعة كبيرة كان رحمه الله بيننا، وكان منشرح الصدروبعد إلقاء قصيدتين وبعد دقائق كانت وفاته وأضاف معاليه أن الراحل علم من أعلامنا وقدير وقد حمى اللغة العربية ودافع عنها دفاعا مريرا، له كتب كثيرة في العروض وكتابه الشهير الخطأ والصواب والدواوين الشعرية و يعد- رحمه الله- من خيرة الرجال ولا أزكيه على الله يضاف لكل ذلك أخلاقه وصلته بالناس، وعن علاقتهما الوطيدة قال معاليه كانت العلاقة بيننا حميمية وثالثنا عبد الله الجفري رحمهما الله - في حين يعد المستشار محمد سعيد طيب الاستاذ محمد اسماعيل جوهرجي ليس شاعراً فقط وهو ما عرف به لدى الأكثرية، بل لغوي ضليع ومعلم ناجح وتربوي قدير، مضيفا أن معرفته وعلاقته به طويلة تمتد لأكثر من نصف قرن والجوهرجي رغم تعمقه في اللغة العربية إلا أنه شديد التواضع، ويزداد هذا التواضع كل يوم ويلمسه كل أصدقائه وتلاميذه والمحيطين به ويضيف أنه لم يأخذ حقه من الأضواء التي سلطت على أكثرية من المتسلقين، ونصيبه من الأضواء ضئيل لا يتناسب مع مكانته.
محمد سعيد طيب الذي كانت وفاة الراحل في داره يقول ومما ضاعف في حزني وفجيعتي أنه قضى نحبه في بيتي خلال دقيقتين بعد أن ألقى قصيدتين شهق شهقة ثم مات- رحمه الله- والعزاء موصول لأسرته ولصديقه معالي د. عبد العزيز خوجة - د. عاصم حمدان – عضو هيئة التدريس بكلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز والأديب المعروف – وأحد الحاضرين ليلة وفاته رحمه الله قال : يعتبر الشاعر محمد إسماعيل جوهرجي رحمه الله أحد المجددين للقصيدة الكلاسيكية في بلادنا وخصوصا من جهة الأسلوب الشعري لديه والذي يتميز بالرصانة وينأى عن النثرية، كما أنه يحسن إلقاء ما يبدعه من شعره حتى وهو في اللحظات الاخيرة من حياته، كان حريصا على ذلك الإلقاء المميز والمؤثر الذي افتقدناه عند البعض من الشعراء، ولعل معرفة الجوهرجي الدقيقة باللغة العربية وخصائصها كانت عاملا مهما بصعود شعره وذلك البهاء والجمال والألق الشعري.
- ويقول د. أحمد قران الزهراني – مدير عام الأندية الأدبية – ببالغ الحزن تلقيت نبأ وفاة الشاعر والأديب والتربوي الكبير الأستاذ محمد جوهرجي ليلة البارحة في مدينة جدة، والأستاذ محمد جوهرجي له العديد من المؤلفات الشعرية والكتب التي تعنى بعلم العروض وقد عمل في مجال التربية والتعليم، كان آخر لقائي به قبل ثلاثة أسابيع وكان في صحة جيدة .. لكنها الأقدار..
نيابة عن أصدقائي من المثقفين أتقدم بأحر التعازي والمواساة في فقيد الساحة الثقافية السعودية وأدعو الله أن يتغمده بواسع رحمته {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
- وترحم الكاتب العكاظي المعروف عبدالله عمر خياط على الجوهرجي وقال الراحل ضليع في اللغة العربية رجل علم وتعليم بديع في تفرعات اللغة وهو في اللغة أقرب إلى الشعر.
أخي الأستاذ محمد إسماعيل جوهرجي- رحمه الله- تربطني به علاقة من نصف قرن أو يزيد، وقد جاءت هذه العلاقة ونمت وترعرعت من خلال الحبيب الصديق الأستاذ عبد الله عبد الرحمن الجفري تغمده الله برحمته. ويعتبر الأستاذ الجوهرجي من الضالعين في أصول اللغة العربية وله أكثر من مؤلف في اللغة وقواعدها.
وفي الشعر له أكثر من ديوان منها ما تسلمته مؤخرا وهو بعنوان (في رحاب الله) وقد سرد في مقدمته سيرته الذاتية وأهداه إلى روح والده رحمه الله. ومن القصائد التي ضمنها الديوان قصيدة (عودة التائه).
- ويصف د. سهيل قاضي – رئيس نادي مكة الأدبي السابق – أحد حضور الأمسية التى كانت الأخيرة للراحل المساء بقوله كانت الفاجعة بالنسبة لنا أن تحدث عقب إلقائه للشعر المميز ولم يخطر على بال أحد منا أن تنتهي حياته بعد لحظات من إلقائه الشعر وخيم الهدوء والحزن جراء ما حدث وردد الجميع أنه حظيظ أن تنتهي حياته بهذه البساطة دون أن يشق على أحد مضيفا كان رحمه الله متعدد المواهب فهو مرب وشاعر وأديب رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته جزاء ما قدم لوطنه,- ويقف الكاتب والأديب فاروق با سلامة على أبرز محطات الراحل الجوهرجي فيقول رحم الله الأستاذ محمد إسماعيل جوهرجي صاحب علم النحو والعروض والمتمكن فيهما وقد درسهما دراسة واسعة العطاء وذلك من خلال خمسين سنة مرت يدرس النحو في مدارس مكة وجدة وبرحيله خسرت اللغة والشعر خسارة فادحة إذ إنه كان وحيد عصره في هذه العلوم العربية والدينية والأدبية.
كنا نتابعه ليس في الصحف فحسب بل في مؤلفاته العديدة التي أتقنها أيما إتقان فهو بصير باللغة وقضاياها، وهو خبير بالنحو وأسراره وهو شاعركبير وله دواوين عديدة ومتميزة رحمه الله، وكان يعمل بصمت أكثر من عمل معنوي وأدبي وشعري لذلك فالخسارة بوفاته شديدة وقد خرج مئات التلاميذ والطلاب، رحم الله أستاذنا الجوهرجي ودعواتنا له بالرحمة والمغفرة.
-وجدي عبد الله الجفري – ابن الأديب الراحل عبد الله الجفري- تحدث عن العلاقة الحميمية التي ربطت الجوهرجي بوالده رحمهما الله وقال كانا رفيقين في السفر يرتبان سفرهما حسب فراغ الاثنين، وكان ثالثهم عند سفرهم للبنان معالي الوزير عبد العزيز خوجة، هذه الرفقة كانت من أيام المدرسة الرحمانية ومعهم محمد سعيد طيب ومحمد صالح باخطمة، وكان أن أنهوا الدراسة وكانت الميول واحدة تشاركوا في أشياء كثيرة وأضاف العم محمد له مكانة كبيرة عند والدي رحمهما الله، وكان كثير السؤال عنا بعد وفاة والدي، وكان آخر اتصاله يوم الاثنين يطلب مني حضور ثلوثية محمد سعيد طيب.
-الأستاذ إحسان طيب: مدير الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة سابقا وأحد الذين عاشوا اللحظات الأخيرة للراحل يقول: يعد الجوهرجي- رحمه الله- علم من أعلام المملكة تميز في الشعر وفي اللغة العربية وكان ضليعا في مؤلفاته ويعد قامة شعرية في المملكة، أعرف أنه كان صديقا حميما للجفري- رحمه الله- وكان على درجة من الوفاء تغمده الله بواسع رحمته ونور قبره
- الشاعر: د. حمزة الشريف عبر عن تعازيه الحارة للوسط الثقافي عامة والشعراء خاصة ممتدحا تجربة الراحل مشيدا بما قدمه ولاسيما معرفته الجمة بأوزان الشعر.
- ويعتبر د. بهاء عزي الشاعر المعروف إن أكبر مصدر لمعرفته بالأستاذ الجليل الكبير محمد إسماعيل جوهرجي- رحمه الله- هو ما يطالعه من حين لآخر مما ينشره هنا وهناك وبشكل رئيسي ما سمعه من أخيه فخري عزي الذي كان زميلا وصديقا له وكانوا رفقاء درب واستمرت زمالتهم إلى بعد أن تخرجوا من الجامعات وكان أخي يمتدح شعره ونذكره بالخير حيث أشرف على تعليم عدد من أفراد العائلة.
- ويعبر د. عبد الرحمن الحبيب – رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام والاتصال بجامعة الملك عبد العزيز :عن حزنه العميق لوفاة الراحل بقوله: لاحول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل، رحم الله شاعر الوفاء الأديب الأستاذ محمد إسماعيل جوهرجي الذي لم يتوان إلا أن يشارك صديقه صاحب المعالي د. عبد العزيزخوجة التكريم في آخر مناسبتين ولكن حان الأجل وشاءت قدرة الله أن يتوفاه في ليلة وفاء، ليلة مؤثرة حقا نسأل الله أن يتغمد شاعرنا الجوهرجي بواسع رحمته ورضوانه ويسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان وخالص العزاء لمعاليه في صديقه الوفي و(إنا لله وإنا إليه راجعون).
- ويستذكرالشاعر محمد صالح باخطمة مع الراحل ذكريات ما يزيد على خمسين سنة وهم مجموعة جمعتهم مقاعد الدراسة في مكة كما جمعهم حب المعرفة والاطلاع مضيفا أن الجوهري رحمه الله كان أحد أفراد هذه المجموعة، وكان منشغلا بمهنة أسرته وهي من أكبر الأسر المكية في تجارة الفصوص والأحجار الكريمة، وأضاف باخطمة شاعرنا رحمه الله لم تسلط عليه الأضواء رغم تسليطها على غيره، وتحدث عن مزاملة الضيف في الدراسة مع قلة موارد المعرفة، درس اللغة العربية ودرَّسها وناقش علماءها كما صار حجة لنا فصار سيبويه زماننا والخليل في جيلنا.
أما عن اهتمامه بالشعر وشغفه به فلقد صدرت له سبعة دواوين رغم ان الوقت الذي صدرت فيه كان محبطاً.
-المحامي والأديب محمد عمر العامودي: قال فوجئت بخبر وفاة الراحل الجوهرجي- رحمه الله- فقد كان زميلنا في الدراسة وهو شاعر وقدير وأضاف العامودي تسكن مكتبتي مجموعة إصدارات مهداة يلفت النظر منها كتاب «الخطأ وصوابه» للشاعر محمد إسماعيل جوهرجي الذي من خلاله نكتشف أننا نعيش في مجتمع يجهل معظمه قواعد اللغة وفقهها. والمؤلف لا يلوم العامة، بل يوجه الاتهام إلى الكتاب والصحفيين والمذيعين. أكثر من تسع مئة خطأ متداول قام بتصويبها. وسوف تتجاهل الكثرة هذه التصويبات تحت شعار الخطأ الشائع خير من الصواب المهجور.
- الكاتب خالد السليمان: قال: وقع خبر وفاة الشاعر الكبير محمد إسماعيل جوهرجي كالصاعقة، فقد التقيته قبل أيام قليلة في مناسبة أقامتها مجموعة الثقافة والنخبة التي أتشرف بعضويتها لتكريم رفيقه وصديقه د. عبد العزيز خوجة، وكنت سعيدا بأن ألتقي أخيرا هذا لشاعر الجميل شخصيا وأمد جسور التواصل معه خاصة بعد أن وجدت أن الجسور متلاقية فأنا من قراء شعره وهو أخبرني بأنه قارئ يومي لمقالاتي وافترقنا بعد تبادل أرقام وعناوين التواصل حيث وعدني بإرسال بعض إصدارات دواوينه التي أملت أن يحملها إلى ساعي البريد، لكن ساعي بريد آخر حمل إلي نعيه حيث تبلغت مع مجموعة أضاء المجموعة نبأ وفاته من صديقه د. عبد العزيزخوجة بعد لحظات من وفاته بين محبيه في مناسبة حب ووفاء أخرى ألقى فيها قصيدتين ختم بهما حياته فعاش شاعرا ومات شاعرا.
أعزي الأسرة الثقافية والوطن في فقيدنا الغالي وأسأل الله أن يتقبله بواسع رحمته وأن يبقى إرثه الشعري خالدا للأجيال
** ** **
مما قيل فيه
عُرف شاعرنا بالرومانسية وهي الصفة التي نفتقدها يوما بعد يوم في هذا العصر في زمن خانته رؤاه، فعشعشت في بعض العقول عناكب الجهل. فهي فخر واعتزاز عندما تتوج الأعمال الأدبية، والمتتبع لدواوين فارسنا يرى أنه أسهم في تشكيل جسر يربط بين جيلنا الكبار مثل العواد وشحات والفقي ومحمد حسين زيدان وسراج.
إن هذا الجيل يمثل رحلة مهمة في حياتنا الأدبية والاجتماعية فلقد كانوا شهود عصر على مجتمع جاهر حراً من العصبية والضبابية الفكرية.
إن ضيفنا لا ينفك مرتبطا بمجتمعه وشاهد عصر لا ينطلق من فراغ. لقد أمتعنا بمطولات يزيد بعضها على مائة بيت في الزهد والحث على الخير، ولم ينس ضيفنا دوره التعليمي والتربوي بل استفاد ليصنف كتابه «قال الفتى» وقبله أصدر الموجز في النحو وكلاهما يبعدان شبح التعقيد عن الطلاب.
كتابه يسعى الى ترغيب الدارسين وبقاء المعلومة، ومن ثم تطبيقها، أما بالنسبة للمهتمين بالشعر فقد صنف لهم «مصادر النوتة الشعرية» هدية لمن أراد استقصاء الشعر العربي حتى يشعر بموهبة الشاعر حتى نجد الكلمة في مكانها من البيت الشعري دون نشاز.
- عبد المقصود خوجة
** ** **
في راحتيه جواهر الأعناق
ومعلم للجيل في الأعماق
يختال إن لبس الخرائد درة
ويتيه يرقب سابر الآفاق
لله در متيم بجواهر
ومعلم للباحث التواق
لك مشرق يوحي إليَّ بنوره
فأخال فيك أخي لدى الإشراق
فلكم تحدث عن صفاتك واصفا
فقدرت فيك مكارم الأخلاق
ولكم تحدث حول علمك شاهدا
أن قد وهبت علو كعب راق
ولكم تحدث عن قريضك منشدا
نظما يتيه بوهجه الدفاق
يا مبدعا في الشعر هل أوفيته
حق المغازل والفتى المشتاق
أبرزه في الشعر الجليل وروه
بالعطر حيث يضوع بالأشواق
فكما قدرت تصوغه في جوهر
فمن القريض قلائد العشاق
- د. بهاء عزي
** ** **
السيرة الذاتية
*ولد في مكة المكرمة عام 1356 هـ في حي الشبيكة في جبل هندي.
* تلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط حتى السنة الاولى الثانوية في المدرسة الرحمانية بمكة المكرمة.
* التحق بالمدرسة العزيزية الثانوية بحي الزاهر بمكة المكرمة من الصف الثاني الأدبي عام 1378هـ.
* تخرج في الثانوية العامة قسم أدبي عام 1379هـ.
* التحق بجامعة الملك سعود بالرياض قسم اللغة العربية بكلية الآداب عا 1380هـ.
* نقل إلى كلية التربية بمكة المكرمة حين افتتاحها لعام 1381هـ.
* عين مدرسا في المرحلة الثانوية بمدارس الثغر النموذجية بجدة من العام الدراسي 84_85هـ.
بناء عل طلب خاص من سعادة الاستاذ المربي القدير (( محمد عبد الصمد فدا )) رحمه الله.
* كان أول مدير لثانوية الثغر النموذجية بعد فصلها عن القسم المتوسط عام 1391هـ.
* تزوج مبكرا وهو طالب في الصف الثاني الثانوي.
* رزق بـ5 بنات و ولد واحد حفظهم الله ورحمه الله .
* قال الشعر مبكرا وهو طالب في المرحلة المتوسطة.
* نشر معظم إنتاجه الشعري في المجلات الأدبية السعودية والعربية وفي معظم الجرائد المحلية.
* شارك في الإذاعة ببرنامج ((الجيل الجديد)) وأحاديث تربوية أسبوعية بعنوان في (( آفاق التربية)).
له مؤلفات قيمة في النحو و العروض منها:
الموجز في النحو:
قرظه العلامة أبو تراب الظاهري رحمه الله، وكان الكتاب أحد المراجع لطلبة و طالبات قسم اللغة العربية في المستوى الثالث في جامعة الملك عبد العزيز بجدة.