إن الأمم والدول في أحوالها وأطوارها لا تسلم في تاريخها ومسيرتها من مصائب ونوائب وحوادث وكرب ولكن من لم تضعفها تلك الحوادث والكرب فإنها تزيدها قوة وتمكينا بل إنه قد تقاس قوة الدول ومنعتها بحصول كثرة المصائب والصعاب التي مرت بها ثم تجاوزتها أقوي من ذي قبل وهذا ما حدث فعلا لدولتنا العلية عندما كان لها موعد بالأمس مع حدث جلل ويوم حزين ودعت فيه قائدها وولي أمرها الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله رحمة واسعة، ولكن في غمرة هذا الحزن وتحت أنظار العالم أجمع ظهر فجر جديد لدولتنا دولة الإسلام والسنة ظهرت فيه الألفة والاجتماع بأبهى صورها وانصع بريقها بمبايعة خادم الحرمين الشريفين وحامي حمى المملكة العربية السعودية الملك المحبوب سلمان بن عبدالعزيز لتمر هذه اللحظات كنسمة هواء باردة وطمأنينة تامة فتمت المبايعة بسلاسة تامة من أفراد الأسرة الحاكمة والعلماء ورجال الدولة وشيوخ القبائل وعامة الناس الذين جاؤوا زرافات ووحدانا لا يدفعهم ولا يدعوهم إلا الطاعة والولاء الكبير لقيادتها فلا إراقة لقطرة دم واحدة و لا افتراق للقلوب ولا احتقان للنفوس إلا نفوس الحاقدين الحاسدين لهذه البلاد وولاة أمرها ومنهجها الشرعي القويم وشعبها الصادق في حبه، إنها لحظات أوقفت نزيف الشائعات الماكرة والإرجاف الكبير الذي باء بالخسران والحمدلله.
وبهذا يجب أن نستشعر جميعا نعمة الله علينا بالأمن والإيمان والألفة والاتحاد واجتماع الكلمة تحت ملة واحدة وقيادة واحدة في زمن تعصف فيه الفتن في كثير من البلاد حولنا فلا عرض مصان ولا دين قائم ولا حق محفوظ، نسأل الله أن يكشف عنهم الغمة.
ويظهر للخاص والعام أن ما جاءت به الشريعة الغراء من وجوب وحدة الكلمة واجتماع القلوب والتحذير من الافتراق والطاعة بالمعروف لمن ولاه الله أمرنا حتى لو نقص بعض حقك حتى لو وقع عليك بعض الظلم ـ لا سمح الله ـ لأنه لا يمكن بحال من الأحوال إفساد المصلحة العامة لمصلحة خاصة، قال تعالى: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} وقال جل من قائل: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة) وقوله: (من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فإن من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «والاجتماع والائتلاف من أعظم الأمور التي أوجبها الله ورسوله..» ولنعلم جميعاً أن الائتلاف والاجتماع على إمام واحد سبب للأمن التي يحفظ به الدين والدنيا، وإذا زال الأمن جاء الخوف وتولدت الفتن وتشعبت الآراء وعظم الافتراق وتعطلت الحدود وانتهكت الأعراض وسفكت الدماء وانتهبت الأموال....
فلنحمد الله على نعمة الأمن والإيمان والألفة والاجتماع وبيعة الإمام الحاكم بشرع الله الراضي به الملك المحبوب سلمان بن عبدالعزيز، كما هي سيرة ملوك هذه الدولة الشرعية المباركة.
حفظ الله ديننا وأمننا وولاة أمورنا وبلادنا من كل مكروه.