التهاني للملك سلمان جاءت من أبناء شعبه ومن دول العالم، وها أنا واحد من أبناء الشعب أرفع إلى مقام خادم الحرمين الشريفين التهنئة بتسلم مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية، لقد توافد أبناء وشعب المملكة العربية السعودية إلى الرياض فغصت بهم الطرقات، وها هي الصحف تقدم إلينا صوراً من التزاحم والتسابق لتقديم التهاني لخادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز، وملوك دول العالم ورؤساؤها هم الآخرون قدموا إلى الرياض من أقاصي المعمورة لتهنئة الملك سلمان، ورئيس أعظم دولة في العالم قدم إلى الرياض ومعه جميع المسؤولين، فالوفد الأمريكي ينبئ عن ثقل المملكة العربية السعودية ومكانة ملكها سلمان بن عبدالعزيز، وقبل الوفد الأمريكي جاء الوفد الفرنسي والوفود الأوروبية، وقبل الوفود الأجنبية جاءت وفود مجلس التعاون والوفود العربية، إن مكانة الملك سلمان بن عبدالعزيز مكانة سامية تفرض الاحترام على القادم مهما كانت مكانته ومكانة دولته، وأقرن التهنئة بطلب العون من الله للملك سلمان، فالمسؤولية كبيرة لا يتحملها إلا عظماء الرجال، والملك سلمان واحد من أولئك العظماء، فقد شارك في تحمل المسؤولية في عهد الملك سعود، وعهد الملك فيصل، وعهد الملك خالد، وعهد الملك فهد، وعهد الملك عبدالله، فقد نهض بقلب المملكة النابض الرياض عقوداً متتابعة فأخرجها من حيز مدينة صغيرة يحدها من الشمال شارع المعذر، ومن الجنوب شارع عسير، ومن الغرب واد أَليْسن وعليشة وعتيقة والبديعة، ومن الشرق الحلة إلى مدينة تتوسد شماريخ طويق وتحتضن سفوح العرمة وتحتوي بنبان شمالاً ومنفوحة والحاير جنوباً، إنها مدينة الرياض بناء الملك سلمان بن عبدالعزيز، رعاها بعناية وتابع تطورها بهمّة حتى بدت جوهرة الصحراء ولؤلؤة الجزيرة العربية، وقد التفت سلمان بن عبدالعزيز إلى وادي حنيفة فحوّله إلى منتزهات بعد أن كان مهملاً تملؤه النفايات من النخيل المجاورة، إن من يسلك هذا الوادي الآن ليُسرَّ بمناظره الجميلة من العيينة شمالاً إلى الحاير جنوباً، والالتفات إلى حماية البيئة واستثمارها لا يلتفت إليه إلا أصحاب الفكر المستنير والثقافة الواسعة، فسلمان بن عبدالعزيز صحب القراءة وصحبته منذ صباه وأول شبابه، فألفها وألفته حيث فتحت له أبواب المعرفة فسلكها بطرقها المتشعبة، لقد أمضى سلمان بن عبدالعزيز عقوداً في إمارة الرياض ولكن أعماله الجليلة كثيرة ومتشعبة فاهتمامه بالتاريخ دفعهإلى إنشاء دارة الملك عبدالعزيز فرعاها منذ أن كانت فكرة، واهتم بها في مراحلها المتتابعة، حيث أصبحت الآن ترعى التاريخ في جميع أجزاء المملكة، ومع أن سلمان بن عبدالعزيز كان أميراً للرياض فإن اهتمام دارة الملك عبدالعزيز بتاريخ المدينتين المقدستين مكة والمدينة من أولويات اهتمامات دارة الملك عبدالعزيز، لقد أصبحت الدارة منارة علم ومركز إشعاع تاريخي وأدبي وشعبي حفظت الأنساب والمخطوطات والأخبار والتاريخ الاجتماعي الشفهي والمكتوب، فهي دارة علم وبستان معرفة ومرجع تاريخي يعتمد عليه في تاريخ الجزيرة العربية، إن هذا الصرح الثقافي من ثمار ثقافة سلمان بن عبدالعزيز، ومن لفتات سلمان رعاية المعوقين وإنشاء دور تهتم بعلاجهم وتعليمهم، والالتفات إلى هذا المرفق دلالة على تفقد شؤون الناس، فالمعوق بحاجة إلى الرعاية والاهتمام بشؤونه، والدين الإسلامي يحث على مساعدة المحتاجين، فرعاية المعوق منطلقها إسلامي وإن كانت الإنسانية تدعو إلى رعاية الإنسان بإنسانيته كما أن الدين الإسلامي حث على رعاية الحيوان والأحاديث التي تحث على رعاية الحيوان كثيرة، فالإنسان أولى بالرعاية مع شمولها للإنسان والحيوان، والمملكة الآن سائرة في حماية الحيوان وقد أنشأت هيئة لذلك، فالصيد مقنن وفي أزمنة معينة.
ومن اهتمامات سلمان بن عبدالعزيز مساندة مدارس تحفيظ القرآن بالمال وتسهيل الأمور أمام الذين يدرسون في مدارس التحفيظ، سواء كان ذلك في المساجد أو في المدارس النظامية، إن اهتمام سلمان بالقرآن الكريم اهتمام صاحبه منذ أن تلاه صغيراً في المدرسة إلى أن أصبح راعياً للمشرفين على التحفيظ، ثم إنه من المشاركين في إنشاء طباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، إنها رحلة مباركة مع كتاب الله، وها هي الدارة التي أنشأها سلمان تهتم بالمصاحف النادرة التي كان يقتنيها الملك عبدالعزيز -غفر الله له ولأموات المسلمين-، كما تهتم بالمصاحف التي كتبت في أزمنة مختلفة، إن القرآن كتاب الأمة الإسلامية تشرف به وبأتباعه، والشعب السعودي يشرفه أن ملك البلاد يهتم بكتاب الله أكثر من اهتمام الآخرين، فاهتمام الملك بكتاب الله يتجاوز اهتمام الفرد من الشعب، ذلك أن الملك له أثر كبير في المدارس داخل المملكة وله أثر كبير في الدول الإسلامية، وفي الأقليات الإسلامية في الدول الأخرى، فكثير من المسلمين لا يستطيع الحصول على نسخة من القرآن الكريم، فمساندة الملك للدول الإسلامية بتأمين كميات من المصاحف نعمة عظيمة لأن كل من وصل إلى يده مصحف من المسلمين يدعو لمن أوصله إليه، والفرد المسلم وإن كان من المهتمين بكتاب الله إلا أنه لا يستطيع عمل شيء تجاه الآخرين بخلاف الملك فهو قادر على الطبع، قادر على إيصال المصاحف إلى مختلف البلاد، ومن هنا تظهر الفروق بين اهتمام الملك بكتاب الله واهتمام غيره، ومن اهتمامات سلمان رعايته لجمعية البر ومساندتها وإزالة المعوقات أمام عملها فقد سدت الجمعية ثغرات في المجتمع، ذلك أن الوصول إلى الفقراء ومساعدتهم يحتاج إلى مثابرة ومتابعة وسلمان يزيل المعوقات في بيوت الجمعية ويزيلها أيضاً عن طريق من يسعون إلى دعم الجمعية بالطرق المختلفة من تسديد فاتورة الكهرباء إلى مشتريات مستلزمات المدارس لأبناء من ترعاهم الجمعية، إن عمل الخير مرتبط بسلمان وجمعية البر تعمل لصالح الفقراء والمحتاجين.
وللثقافة والصحافة شأن لدى سلمان بن عبدالعزيز فهو راعي الصحافة والصحفيين، يهتم بشؤونهم ويحل مشكلاتهم ويعالج مريضهم، فهذا دأبه منذ عقود، وسلمان بن عبدالعزيز هو الذي أطلق على حي الصحافة في شمالي الرياض اسمه، أما اهتمامه بالثقافة عامة فتشهد له أعماله بالاهتمام بمكتبات مدينة الرياض ورعاية النادي الأدبي وتقديمه لعدد غير قليل من الكتب، أما ثقافته الشخصية فهو مشهور بها من نهمه للقراءة فهو واسع الاطلاع شديد الرغبة في الازدياد من المعرفة والعلم، إن ثقافة سلمان التاريخية والسياسية والاقتصادية إضافة إلى ثقافته الدينية الواسعة، أتاحت له حسم الأمور في كثير من القضايا التي تعرض عليه بدون الرجوع إلى أصحاب الاختصاص، إن سعة المعرفة وشمولها يسّرت لسلمان بن عبدالعزيز تنزيل الناس منازلهم، فهذه التعيينات التي صدرت عن خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز في الأسبوع الأول من توليه الملك تنبئ عن معرفة تامة بشؤون الدولة ورجالها، فهو يعرف كل مدينة وقرية في المملكة العربية السعودية ولديه معرفة تامة بالخدمات المقدمة للمحافظات والمراكز، إضافة إلى معرفته بأمهات المدن وما تم فيها من تسهيلات لعابر الطريق وما توافر فيها من ماء وكهرباء، أما معرفته بالرجال المسؤولين وما قدموا للدولة ولبلادهم من خدمات فتنبئ عنها هذه التعيينات التي صدرت عن خادم الحرمين الشريفين.
وسلمان بن عبدالعزيز من المهتمين بالآثار، فقد اهتم بآثار الدرعية قبل إنشاء هيئة السياحة والآثار، وهو الذي وجّه جامعة الملك سعود إلى التنقيب عن آثار قرية الفاو بالقرب من السليل، بالإضافة إلى توجيه وزارة المعارف إلى وضع سياجات على الآثار في كل منطقة.
وعناية سلمان بالبيئة والنباتات الصحراوية تشهد لها هذه السياجات التي وضعها على الروضات ومنها روضة خريم وروضة التنهات وروضة الخفس وروضة النظيم ورياض الضمان وغيرها، إنها لفتة كريمة حمت النبات من عجلات السيارات التي أتلفت كثيراً من النبات.
ومن اهتمامات سلمان تفقد إمارات المدن والقرى فعندما كان أميراً لمنطقة الرياض كان يتفقد كل مدينة وقرية بالذهاب إليها والاستماع إلى مطالب سكانها، وكانت الطرق في ذلك الوقت غير معبدة فيشق على نفسه بالذهاب إلى القرية الصغيرة قبل الكبيرة، لما يحس به من المسؤولية تجاه عمله وما وكّل به من شأن الناس، فتأدية المسؤولية واجب يحس به فيؤديه على أكمل وجه وكان يخرج وقت نزول المطر لتفقد أحياء مدينة الرياض لينظر الحي المتضرر من المطر بنفسه، فيتخذ ما يلزم الحي من المساعدة ودرء الخطر، أعان الله الملك سلمان بن عبدالعزيز وسدد خطاه ومنحه الصحة والعافية، فهو سادس الملوك من أبناء الملك عبدالعزيز، هذه الدوحة المباركة التي أينعت غصونها بثمرات متنوعة نفعت البلاد والعباد بعموم الأمن في أرجاء المملكة، مما نتج عنه تسهيل سبل الرزق أمام طالبيه، فنمت التجارة وازدهرت بضاعة العلم وعمّ الرخاء فلله الفضل على ما أنعم فليس أمامنا إلا الدعاء لهذه الشجرة المباركة بالنماء، ولمتعهدها خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز، إنني أدعو كل فرد في هذه البلاد أن يلهج بالدعاء لسلمان بن عبدالعزيز بالتوفيق والسداد، وإن كان الدعاء متواصلاً قبل راتب الشهرين وبعده.