رحل أبو الإنسانية أبو الأيتام والضعفاء والمساكين وسندهم وشمعة دارهم.
رحل سند المرأة وداعمها الأول ومشجعها ومحقق أحلامها وطموحاتها المستقبلية، والمؤمن إيماناً قاطعاً بقدرتها وكفاءتها وتحملها للمسؤولية والمشاركة بفاعلية في مسيرة البناء والتنمية.
رحل رجل الفكر المتطور والأفق البعيد والإنجازات المتلاحقة لصناعة الإنسان وبناء الفرد السعودي.
رحل نصير الحق والعدالة والمنافح عنها قولاً وفعلاً، عدو الظلم والظالمين والمستبدين في كل مكان.
رحل من أعلى صوت الحوار وأخرس صوت الغوغاء والتشنج والفكر الأوحد والتطرف الفكري.
رحل من أوقد المشاعل وأضاء القناديل وأخرج خفافيش الظلام من جحور الفساد والعبث.
رحل أبو المبتعثين و وسادة غربتهم ومفتاح أحلامهم وطموحاتهم.
هذه الشخصية الاستثنائية التعددية تحتار حقاً كيف تتحدث عنها وقد تربعت القمة في أكثر من جانب ولعلنا نرى ولو جانباً فقط من استثنائيته التي لا تتكرر حين استطاع بما يملكه من حكمه و حنكه وبُعد نظر وبما يمتلأ به قلبه من حب وعاطفة ونقاء: أن يجعل شعبه صغيرهم وكبيرهم رجالهم ونساءهم يشعرون بأنه المُربي والأب الحنون قبل أن يكون القائد والملك، ملك قلوبهم قبل أن يكون ملكاً لهم.
حكم عقداً من الزمن كان لعمري عِقداً من أنفس الجواهر عطاءً وخيراً ورخاءً ووفاءً وحباً لدينه ووطنه وشعبه، وحينما نتحدث عن الوفاء والخير الذي ساقه هذا الرجل الحكيم لبلاده وشعبه فلا يمكن إلا أن نتوقف عند ما ناله الضمان الإجتماعي في عهده الميمون من تطورات نوعية وزيادات مالية ومكرمات سنوية وبرامج مساندة للمعاش الشهري لايمكن أن ينساها مستفيدي الضمان وقد حصدوا ثمارها اليانعة.
وما دمت في الحديث عن الضمان في عهد الملك الراحل فلابد أن أتوقف إكباراً لمواقف هذا القائد القدوة وأدعو له بالرحمة والغفران وذلك حين إنطلق في عهده تأسيس أول مكتب نسوي للضمان الإجتماعي على مستوى المملكة، لخدمة المرأة المستفيدة من قبل إمرأة مؤهلة وقادرة على الإستماع لها وتقديم الخدمة التي تستحقها، ثم مساندته وتشجيعه لتلك الإنطلاقة حين وجه حرمه المصون السيدة الجليلة والأميرة المحبوبة / حصه بنت طراد الشعلان بتشريفنا ورعاية حفل افتتاح المكتب بداية عام 1427 هـ .
ثم مرة أخرى ايضاً حين شرفتنا و لبت دعوتنا وأبهرتنا حين قطعت في الصباح الباكر مايقارب من (100 كم) من روضة خريم لترعى حفل إفتتاح الملتقى الأول لمديرات المكاتب النسوية للضمان الاجتماعي ، وما أبهرنا أيضاً وأثار إعجابنا هو حضورها في الموعد المحدد تماماً دون تأخير ولو دقيقة واحدة، وأنا شخصياً لم أستغرب ذلك وقد عهدتها على نفس النهج والدقة في المواعيد في مناسبات عديدة شرفتها في جامعة الملك سعود حيث كنت أعمل وكذلك في مناسبات أخرى حالفني الحظ بحضورها وكانت تحت رعايتها، كما لم أستغرب وقد أتت من مدرسة عبدالله بن عبدالعزيز المُعلم والمربي الذي يدرك قيمة الوقت ويلتزم به و يُثير الإعجاب بإحترامه لمواعيده والتزاماته مع الآخرين، وهذا ما أكدته سموها حين أبديت لها إعجابي بحضورها في الوقت المحدد تماماً ومن تلك المسافة البعيدة فقالت تربينا وتعلمنا من طويل العمر.
رحمك الله أبا متعب وأسكنك فسيح الجنان..
واليوم وبذات الحب و بذات الولاء نبايع والدنا وحبيبنا و مليكنا سلمان بن عبدالعزيز رجل الحكمة والحنكة والحزم، المهاب الجسور رجل المهمات الصعبة والقرارات المصيرية ، رجل الفكر النير والثقافة الواسعة، هو إمتداد للحكم العادل والسياسة الحكيمة والمدرسة العريقة التي خرجت ملوك هذه البلاد مدرسة عبدالعزيز طيب الله ثراه، تلك المدرسة المُبحرة في قيم الحق والعدل، والحزم والعزم، تلك المدرسة التي آمنت منذ وقت مبكر بأن الحكم قيادة وليس سلطة فانقادت لها كل القلوب ووقفت إلى جانبها صفاً واحداً وكلمة واحدة لتقدم للعالم وعبر العهود المتتابعة نموذجاً يُحتذى في قيادة الحكم ونموذجاً يحتذى في استقرار الشعوب، وما انتقال الحكم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وبتلك السلاسة واليسر إلا نتاج هذا النموذج الفريد.
ولأن هذا النموذج امتداد لا ينتهي وسلسة لا تنقطع حلقاتها من العطاء والرخاء والوفاء تُمطر اليوم سماؤنا خيراً وندى، ويُغدق سلمان بالعطايا السِمان لتشمل كل الفئات وتعم كل الوطن، لكننا أشد فرحاً و أعظم شكراً وامتناناً لمليكنا حين لامس حاجة الأيتام والضعفاء والمحتاجين من مستفيدي الضمان وأغدق عليهم راتب شهرين ثم بشرهم بوضع مستقر وحياة مطمئنة كريمة حين وجه حفظه الله بتعديل سلم رواتبهم الحالي.
وأخيراً لابد لي من وقفة وأنا أُنهي مقالي هذا لأقول وبكل فخر وحب أن سلمان بن عبدالعزيز الأب عرفناه جميعاً نحن أبناء عبدالله بن خميس منذ نعومة أظفارنا صديقاً وقريباً ومحباً ووفياً لوالدنا عليه رحمة الله مُقدراً لعلمه وفكره وعطائه كما هو مُقدر ومُجلٌ ومُحب دائماً للعلم والعلماء والمفكرين والأدباء وأصحاب القلم.
رعاك الله مليكنا سلمان وحفظك ووفقك وأعانك على خدمة البلاد والعباد
أسماء بنت عبدالله الخميس - مديرة عام مكتب الضمان الإجتماعي النسوي بالرياض