الجزيرة - الرياض:
كشف محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور فهد المبارك، عن إصدار المؤسسة قريبا مشروعا لمبادئ حماية عملاء قطاع التمويل وذلك في إطار جهودها لحماية عملاء القطاع المالي. كما أكد أن المؤسسة استعدت مبكرا في مجال الرقابة والإشراف على قطاع التمويل العقاري وشركات التمويل، للقيام بالمسؤوليات المناطة بها بموجب أنظمة التمويل، حيث رخصت لـ30 مصرفا وشركة لممارسة نشاط التمويل العقاري وغير العقاري، ومنحت موافقات أولية لعدد 13 شركة لاستكمال إجراءات الترخيص، كما أصدرت مؤخراً قواعد التمويل متناهي الصغر التي ستسهم في خلق وظائف وتمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة والحرفيين.
جاء ذلك خلال افتتاحه أمس في الرياض ورشة العمل التي ينفذها مركز إعداد وتطوير القادة بمعهد الإدارة العامة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، بعنوان «السياسات الاقتصادية وأبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد السعودي لتحقيق التنمية المستدامة»، بحضور مدير عام معهد الإدارة العامة الدكتور أحمد الشعيبي، ونائب وزير المالية الدكتور حمد البازعي.
ولفت المبارك إلى أن المؤسسة قامت بالعمل على حماية مصالح وحقوق العميل والتأكد أن تعامل القطاعات المالية مع العميل يتم بطريقة مهنية عادلة، حيث أنشأت «إدارة حماية العملاء» التي من أهم أهدافها حصول عملاء القطاعات التي تشرف عليها المؤسسة من مصارف وشركات تأمين وشركات تمويل على معاملة عادلة بشفافية وصدق وأمانة في التعاملات المالية، وكذلك الحصول على الخدمات والمنتجات المالية بكل يسر وسهولة وبتكلفة مناسبة وجودة عالية، وأيضا أنشأت مركز الاتصال بالمؤسسة لاستقبال وحل شكاوى العملاء. وقد أصدرت المؤسسة مبادئ حماية عملاء القطاع المصرفي ومبادئ حماية عملاء قطاع التأمين، وتجري المؤسسة رقابة صارمة على البنوك والشركات لتطبيق هذه المبادئ.
وأشار محافظ «ساما» إلى أن المملكة انتهجت في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - سياسات تنموية توسعية حققت إنجازات ضخمة وشاملة لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، واستمراراً لهذا النهج اتخذ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في الأسبوع الأول من توليه مقاليد الحكم سلسلة من القرارات التاريخية والمهمة التي جاء توقيتها تأكيداً على حرصه الشديد - حفظه الله - على استمرار سياسة تعزيز التنمية والتطور في هذا البلد الكريم على مختلف المستويات، شملت إعادة تشكيل مجلس الوزراء، وهيكلة المجالس العليا بالدولة وضم مهامها في مجلسين رئيسيين هما مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، مبيناً أن الهدف من إنشاء المجلسين هو تعزيز فاعلية اتخاذ القرارات وتنسيق الجهود والمهام في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية. كما شملت القرارات دمج وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم في وزارة واحدة بغرض توحيد استراتيجيات التعليم وخططه بين مختلف مستوياته. كما شملت القرارات تخصيص مبالغ سخية لتلبية احتياجات المواطن ودعم القطاعات الخدمية. وهذه القرارات كان لها صدى طيب لدى المجتمع السعودي، وسيمثل بداية قوية لاستمرار التنمية الشاملة والمستدامة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله.
وعن دور السياسات الاقتصادية التي ترسمها الدولة لتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، أشار المبارك إلى أنه على الرغم من تنوع هذه السياسات، إلا أن أبرزها وأكثرها تأثيراً في الاقتصاد هي السياسة المالية والسياسة النقدية، إضافة إلى السياسة البترولية للمملكة. وتابع: وهنا تجدر الإشارة إلى أهمية التنسيق المستمر بين القائمين على السياستين النقدية والمالية وتوفر المرونة والأدوات الكافية فيهما للتعامل مع المستجدات وتقلبات الدورات الاقتصادية، خاصة أن اقتصاد المملكة يتأثر كثيراً بالتطورات في أسواق النفط العالمية. وبالنسبة للسياسة البترولية، فمن المعروف عن المملكة أنها تسعى دائماً لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط العالمية بما يحقق مصالح المنتجين والمستهلكين في آن واحد ويخدم مصالح الاقتصاد الوطني على المدى المتوسط والطويل. كما أكد أن المملكة اتخذت مجموعة واسعة من السياسات والقرارات والإجراءات الهادفة إلى إعادة هيكلة وتنظيم الاقتصاد، وتحديث الأنظمة والتشريعات بما يعزز رفع مستوى كفاءة وتنافسية الأداء ويدعم التشغيل الأمثل لعوامل الإنتاج، علاوة على توفير إطار تنظيمي وإداري متطور وبيئة جاذبة للاستثمار.
وسلط المحافظ الضوء على الدور الحيوي للسياسة النقدية في الاستقرار المالي، والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. حيث عملت مؤسسة النقد على إيجاد البنية الأساسية الملائمة الواجب توافرها لتطور واستقرار النظام المالي، وذلك من خلال استقرار قيمة العملة المحلية، ورفع كفاءة وملاءة النظام المصرفي والإشراف عليه وفقاً لأفضل المعايير والمبادئ الدولية، ومما يتسم به اقتصاد المملكة من ميزات هو الانفتاح على العالم الخارجي، وحرية تدفق رؤوس الأموال من وإلى المملكة. مبينا أن ترتيبات سعر صرف الريال مرتبطة بالدولار بسعر ثابت منذ منتصف عام 1986 حتى وقتنا الحاضر، وارتكزت هذه الترتيبات على أسس اقتصادية مدروسة، ومن خلال تجربتنا الممتدة لأكثر من ربع قرن وبشهادة مؤسسات مالية دولية، فان استقرار سعر صرف الريال في مارس دوراً مهماً وحيوياً في استقرار التنمية الاقتصادية بالمملكة، وكان له أثر ايجابي كبير في تعزيز الثقة بالنظام المالي واستقرار الأسعار المحلية، مما نتج عنه تحقيق تحسن كبير في نشاط الأعمال وتشجيع المزيد من الاستثمار المحلي والأجنبي في الاقتصاد الوطني.
وحول التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطن، أشار محافظ مؤسسة النقد إلى أن التحديات تعد حافزا ملازما وموازيا للطموحات والأهداف، ولا يخلو أي اقتصاد متقدم أو ناشئ منها، مبينا أنه على الرغم من الإنجازات والمكتسبات الاقتصادية الوطنية الضخمة التي تحققت، فما تزال هناك تحديات قائمة تتطلب استمرار تكثيف العمل لمواجهتها، ومن أبرزها الحاجة إلى تنويع مصادر الدخل والقاعدة الإنتاجية، وتعزيز دور القطاع الخاص في التنمية. وقال: إنه على الرغم من استمرار نمو ناتج القطاع الخاص بشكل مستمر وملحوظ منذ أكثر من ربع قرن، إلا أن هذا الناتج يعتمد على معطيات القطاع العام ويتركز معظمه في قطاع الخدمات، ولذلك لا بد من التركيز على القطاعات الإنتاجية مثل قطاع الصناعة، وفتح مجالات أوسع للتخصيص.
كما أن من التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، تواضع توطين القوى العاملة المحلية في القطاع الخاص، وهذا يتطلب تكثيف الجهود الحالية لوضع استراتيجية متوسطة وبعيدة المدى وبمشاركة فاعلة من القطاعين الخاص والعام للحد منها مع ترشيد استقدام العمالة الأجنبية، ومواصلة تطوير برامج التعليم العام والفني والمهني، وكذلك مخرجات التعليم العالي لتواكب احتياجات السوق.
وتابع المبارك: ومن التحديات القائمة رفع مستوى كفاءة الاستخدام الداخلي للطاقة والمياه، مما نتج عنه تشوه وهدر كبير لتلك الموارد المهمة إضافة إلى زيادة الأعباء المالية على الدولة، وهذا يتطلب إعادة النظر في سياسة دعم الأسعار واستبدالها بشكل تدريجي ومدروس باستمرار الدعم الذي يستهدف شرائح الفئات منخفضة ومتوسطة الدخل مع مراعاة للآثار الاجتماعية لأي تغيير. وأيضا من التحديات التي تواجه الاقتصاد رفع مستوى الكفاءة والإنتاجية، حيث إن الباب الأول من الميزانية العامة للدولة المشتمل على الرواتب يمثل نسبة عالية، ويتطلب العمل على تخفيضها من خلال رفع مستوى الإنتاجية، وتخصيص بعض المرافق العامة، والحد من التوسع في هذا الباب لصالح المشاريع التنموية والإنتاجية.
ومن المؤكد أن معهد الإدارة العامة يقوم بدور مشكور في التدريب والتعليم لرفع كفاءة وانتاجية منسوبي القطاع العام. وقال إن من التحديات قصيرة أو ربما متوسطة المدى التي تواجه المالية العامة هو تراجع أسعار النفط بشكل كبير خلال الأشهر الماضية مما أدى إلى تراجع الإيرادات النفطية التي تشكل نسبة عالية من إجمالي إيرادات الميزانية العامة للدولة، وكما تبين في إعلان الميزانية العامة للدولة، من المتوقع أن ينتج عجز في هذا العام، وكما ذكرت آنفاً أن الدولة قد انتهجت أسلوب بناء الاحتياطيات المالية لمواجهة مثل هذه التقلبات في أسعار النفط، والخيارات مطروحة الآن للنظر في المناسب منها لتمويل هذا العجز إما من السحب من هذه الاحتياطيات أو الاقتراض من السوق المالية المحلية التي تتسم بتوفر السيولة وانخفاض معدل تكلفة الاقراض، أو ربما من الاثنين معا.