لا تزال المنطقة العربية تغلي مع محاولات جادة من القوى الدولية بتبريد الأحداث وتأجيل مواجهات الحسم، وهو ما ظهر بالتحرك السريع لاستيعاب ما حصل في هضبة الجولان من استهداف إسرائيلي لبعثة استطلاع إيرانية حزبية تابعة لحزب الله، ثم الرد المحدود لحزب الله الذي تمخض عنه قتل جنديين إسرائيليين، وبعدها تحركت أمريكا وفرنسا للضغط على إيران وإسرائيل لتبريد الأجواء.
في المقابل صعد الإرهابيون من عملياتهم الإرهابية في العديد من مناطق الاشتعال، مثلما حصل في شبه جزيرة سيناء التي نشطت خطوط الاتصال بين الجماعات الإرهابية المستوطنة في شبه الجزيرة وجماعات الإرهاب الإقليمي التي يقودها تنظيم القاعدة، الذي تلبس تنظيم داعش، ونفذت عمليات إرهابية مركبة تهدد بإشعال شبه الجزيرة وجعلها امتداداً لإرهاب داعش في المنطقة.
وفي العراق تحرك تنظيم داعش نحو محافظة كركوك ليصطدم مباشرة مع قوات البشمركة في تحدٍ صارخ للجيش الكردي الذي حقق انتصاراً كبيراً بتنظيف مدينة عين العرب (كوباني) التي أصبحت وإلى حد ما قاعدة كردية في الأراضي السورية على الحدود التركية، وامتداداً لإقليم كردستان، ما يهدد بإقامة دولة كردية تمتد من الأراضي العراقية والسورية، وتهدد بضم أراض تركية، وهو ما يجعل تركيا قلقة جداً خصوصاً أن كثيراً من عناصر حزب العمال الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري يوجودون كمقاتلين في عين العرب التي ليس لها عداوة وحتى صدام مع جيش النظام السوري، وهو ما يعطي تركيا مبرراً لغض النظر عن عمليات داعش سواء في العراق أو سوريا، وقد يتحول الدعم التركي إلى علني إذ ما تمادى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وترك القيادة لحزب العمال الكردي التركي، وهو ما سيرفع درجة السحونة على الحدود التركية مع سوريا والعراق ويفرض على حكومة إقليم كردستان البحث عن صيغة لتبريد الوضع، فيما تنشط الحكومة العراقية برئاسة حيدر العبادي لإدماج العشائر العربية السنية في مقاتلة داعش لإسناد القوات الحكومية وقوات البشمركة التي ستعاني من ضغوط قوية من داعش التي تريد أن تجرد الأكراد من أي شعور بالنصر بعد انتهاء معركة.
تظل اليمن المنطقة الأكثر قدرة على الاشتعال خصوصاً بعد تصدع التحالف بين الحوثيين وجماعة الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وهذا ما سيجعل المنطقة العربية بأشملها حبلى بالأحداث والتطورات القادمة.