تمكن الملك عبدالله بحنكته ومهارته في القيادة من تعزيز دور المملكة في الشأن التعليمي والثقافي، وأصبح للمملكة وجود أعمق في المحافل الدولية وشكّل وجود منصّة ثقافية كمعرض الكتاب في المملكة عنصر دفع قويًا للصوت العربي والإسلامي في دوائر الحوار العالمي على اختلاف منظماته وهيئاته ومؤسساته.وإن النداء للحوار بين الأديان الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والذي توجه به لكل دول العالم وشعوبها بمختلف دياناتها وثقافاتها ومذاهبها، يعكس مبادرة إنسانية جادة للسلام والتعايش والاحترام والمحبة والتآلف والحوار، واهتماماً واضحاً برفع مستوى الوعي لدى الفرد واكتسابه لمقوّمات التعايش مع الآخر، ففي عهد مليء بالإنجازات التنموية على جميع الأصعدة لم يغفل أهم مجالات التنمية، العرس الثقافي المميز الذي يُقام كل عام تحت رعاية الملك الوالد عبدالله بن عبدالعزيز رحمة الله، ورغم أنه في بدايته لاقى معارضات وتخوّفات من البعض، إلاّ أنه تمكّن من استقطاب أكثر من مليوني زائر يزورون هذا المعرض، جميعهم مهتمون بشراء كم كبير من الكتب والمشاركة في الندوات التي يشارك فيها العديد من كبار المثقفين.
فالإحصاءات تتحدث عن 35 مليون ريال، أنفقها نحو ثلاثة ملايين شخص مهتم بالقراءة وقد أصبح المعرض في السنوات الأخيرة منبراً للحوار بين المفكرين والكتّاب والجمهور ويعكس اهتمام وحرص الوالد عبدالله بن عبد العزيز على إنشاء معارض رسميّة للكتاب في عهدة إحياء لاهتمام الناس بعالم الكتب والتأكيد على أهمية الكتاب باعتباره أداة بالغة الأهمية للتنمية المعرفية والتقدم.وقبل أن يكون هنالك ما يسمى «بمعرض الكتاب» كانت تُقام معارض بجهود الجامعات وخاصة جامعة الملك سعود، وكانت تلك المعارض تُنظّم في ردهات الجامعة وممراتها، وكان المكان يزدحم بالزائرين ودور النشر، حتى جاء التوجيه الكريم بتوحيد هذه الجهود وتسليم مهمة التنظيم والإشراف إلى وزارة التعليم العالي ثم إلى وزارة الثقافة والإعلام، حيث ساهم ذلك في أن تأخذ هذه المعارض منحىً إعلامياً مميزاً في التغطية المتواصلة على المستوى الداخلي والخارجي. وتحرص وزارة الثقافة والإعلام أن يظهر المعرض في كل عام بشكل مميز ويرضي جميع الأطراف بمختلف توجهاتها الفكرية والثقافية، كما تقوم الوزارة أيضاً بتنظيم لقاءات وأمسيات ثقافية على هامش المعرض تساهم في إثراء المعرض وجعل ليالي الرياض تنبض باثقافة والفكر، والوزارة حريصة كل الحرص لإنجاح مثل هذه التظاهرة التي ينتظرها الجميع كل عام.
فالمعارض تخلق جواً من التفاعل الفكري أولاً بين رواد المعرض، ويشكل منبراً مفتوحاً على كل الثقافات، فتظهر الإبداعات الأدبية بكل مجالاتها الشعرية والروائية والنقدية والفكرية والسياسية والعلمية، فيقدم نتاجات النخب المخضرمة مع الأجيال الصاعدة في هذه المجالات. ففي الستينات والسبعينات كان يُقال إن الكتاب يؤلّف في مصر ويطبع في بيروت ويقرأ في العراق، واليوم تتفق الإحصاءات على أن معرض الكتاب في الرياض هو أكثر المعارض العربية مبيعاً وإقبالاً، فالفرد السعودي كشف عن حب وشغف للعلم والقراءة كانت غير ظاهرة للعلن وهذا نجاح آخر للمشاريع التنموية الكبيرة للملك عبدالله بن عبدالعزيز اتّسم ببعد الرؤية، لكل ما يخدم المواطن ليس اقتصادياً واجتماعياً فقط لكنه أولى للفكر والثقافة وتقّدم الفرد، فلا ينمو وطن بدون أن ينمو أفراده.
أحلام الفهمي - الدمام