إنها الدولة السعودية يا قوم التي بعثت رسالة للعالم أجمع عن مدى ثبات واستقرار أركانها الحكومية والمدنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، فأدهشت العالم وأخذلت الناعقين وأذهلت الأعداء الذين فركوا أياديهم الصفراء لتصافح عقولهم العفنة وكلهم أمل في زعزعة أمنية بعد هذا الحدث الجلل مقارنة بغيرها من الدول.
فلم تشهد السعودية حكومة انتقالية ولم تشهد مظاهرات ولم تشهد توترات أمنية ولم تشهد انعقادات لمجالس طارئة تواكب هذا المصاب الجلل ولم تشهد فراغات في السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولم تشهد انتشارات أمنية في الشوارع ولم تشهد إغلاق محلات تجارية ومولات بل كانت الحركة الاجتماعية في البلاد تسير بشكل اعتيادي بالرغم من مظاهر الحزن العميق التي تسيطر على الجو العام الا أن الأمور كانت ثابتة ولاشيء غير معتاد يلفت الانتباه بل ما لفت الانتباه أن الأمور كانت وما زالت كما هي معتاد عليها، فقد شهدت البلاد انتقالاً سلساً للسلطة من ملك إلى ملك بكل هدوء وقوة وثبات أعلنت المملكة العربية السعودية خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبدالعزيز ملكاً للبلاد وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً للعهد وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولياً لولي العهد، فالأمة السعودية أمة شامخة إن مات بها سيد.. قام بها سيد.
هي كذلك الدولة السعودية بكافة أركانها الثبات والقوة فالملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله أعطى للعالم أجمع منهجاً في شموخ الدولة السعودية واستقرار نهجها وكذلك بعد مماته - يرحمه الله -.
إن استمرار هذا النهج المستقر ليس مستحدثاً بل هو امتداد لرؤية مستمدة من عبق تاريخ الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن يرحمه الله متواصلة في أبنائه الميامين من بعده الملوك (سعود، فيصل، خالد، فهد وعبدالله) يرحمهم الله جميعاً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله.
فبالرغم من عظم هذا المصاب الجلل الذي سمع صداه في مشارق الأرض ومغاربها إلا أن جنازة الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله كانت بسيطة للغاية فلم تشهد البروتوكولات الدولية المتعارف عليها في جنائز الملوك والأمراء والرؤساء، بكل بساطة كانت حسب السنة النبوية التي أوصى بها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم - بعيدة عن كل التكلف والفخامة وما هي الا دقائق بعد دفن جثمانه الطاهر في مقبرة العود بالرياض، الا وتجمع حول القبر عامة من الشعب والمقيمين رافعين أكفهم إلى الله عز وجل مبتهلين بالدعاء بالرحمة لحبيب الشعب والعرب والمسلمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله.
أبا متعب تبكيك القلوب.. يبكيك العرب والمسلمون.. نم قرير العين سيدي عبدالله ..فصلتنا بكم اليوم هي الدعاء والرحمة.. ملك سطر التاريخ حروفه بموسوعة من العز والفخر والشموخ والنجاح.. ملك ابن ملك ابن إمام.. سيدي أبا متعب يشهد الله إنا على فراقك لمحزونون.. يبكيك القلب قبل العين.
العز والمجد للمملكة العربية السعودية، وراية خضراء خفاقة تعانق الغيوم والسحاب وتتعدى قمم الجبال.. عظم الله أجرنا بفقيد الأمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.
- فادي إبراهيم الذهبي