تونس - فرح التومي - الجزيرة:
عاد الحديث بقوة عن وجوب تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم تمثيلية واسعة للتيارات السياسية الفاعلة في الساحة، وتكون ذات حاضنة سياسية تسندها وتمنحها القوة الكافية لإجراء الإصلاحات المنتظرة منها.. وانطلق الحبيب الصيد رئيس الحكومة المكلف في إجراء جولة جديدة من المشاورات مع قادة الأحزاب التي عبرت عن رفضها منح الثقة لحكومته، وسط أجواء سياسية متوترة تسود مفاوضات ربع الساعة الأخير.
فقد أكد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، إثر لقائه برئيس الحكومة الحبيب الصيد ظهر الاثنين بعد أن أعلن عن تأجيل جلسة مجلس نواب الشعب المخصصة لمنح الثقة للحكومة الجديدة، أن الصيد أبدى رغبته في تغيير بعض الأسماء التي منحها حقائب وزارية في تشكيلته التي أثارت رفض أكبر الأحزاب الممثلة في البرلمان.
وأضاف الغنوشي أن الفترة التي منحها مجلس نواب الشعب لمزيد من التشاور حول الحكومة مهمة، معرباً عن أمله في أن تكون المشاورات الجديدة فرصة ثانية للوصول إلى توافقات وطنية حول تركيبة الحكومة وبرنامجها على نحو يمكنها من أن تحظى بأغلبية واسعة في البرلمان.
وشدد الغنوشي على أنه في حال بقيت التركيبة الحكومية على شكلها الحالي فإن حركة النهضة لن تمنحها ثقتها باعتبار أنها لا تمثل طموحات الشعب التونسي ولن تستطيع مواجهة التحديات الكبيرة واتخاذ القرارات الصعبة..
وانتقد حزب آفاق تونس الحليف الثاني لحركة نداء تونس الطريقة التي تم بها الإعلان عن الحكومة الجديدة والتي خلت من ممثلي الأحزاب الكبرى، معلناً أنه فقدَ الثقة في الصيد وفي فريقه الحكومي وفي حركة نداء تونس التي «خانت الاتفاق المبرم معها».
ودعا الأمين العام للحزب ياسين إبراهيم إلى «ضرورة إعادة النظر في توزيع الحقائب الوزارية التي منحت لغير أصحابها».
أما الجبهة الشعبية التي تضم 11 حزباً يسارياً، فقد اعتبر حمة الهمامي ناطقها الرسمي أن برنامج حكومة الحبيب الصيد لا يمكنه إحداث تغيير في تونس باستثناء ما قدم حول الملف الأمني، متابعاً أن التشكيلة الحكومية الحالية تُعد ضعيفة شملت أسماء تحوم حولها شبهات وتعلقت بها قضايا.
ويسود الطبقة السياسية اقتناع بأنه على الصيد الأخذ بعين الاعتبار مقترحات أغلب الأحزاب التي تميل نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية ممثلة لكل الأطراف الحزبية لضمان مرورها بنجاح أمام مجلس نواب الشعب في مرحلة أولى، ولإرساء حاضنة سياسية لها تكون بمثابة الأرضية الصلبة المساندة لها، حتى تكون قادرة على اتخاذ إجراءات ثورية بهدف تنفيذ مشاريع الإصلاحات العاجلة التي تحتاجها البلاد على المستويين الاقتصادي والأمني بالخصوص.
وتتجه النية نحو إجراء تعديلات على الحكومة المقترحة وتغيير بعض الأسماء التي أثار تعيينها على رأس بعض الوزارات جدلاً واسعاً في المشهد السياسي، وألصقت بها أطراف فاعلة تهماً أدت إلى اعتذار عدد منها عن قبول التعيين، مما دفع بالقيادات السياسية إلى رفض التشكيلة برمتها.. بالرغم من الحرج الكبير والوضع الصعب الذي وجد الحبيب الصيد نفسه فيه جراء «سقوط حكومته» قبل عرضها على البرلمان للمصادقة عليها، مما جعل البعض يصف حكومة يوم الجمعة الفارط «بالحكومة البيضاء» التي تسبق الإعلان عن الحكومة النهائية والرسمية.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن قيادات فاعلة في حركة نداء تونس انضمت إلى الجبهة الرافضة لحكومة الحبيب الصيد، قالت بأن هذا الأخير لم يستشر مناضلي النداء واختار التجديف ضد التيار الغالب على الحركة والذي يميل نحو تشريك أكبر عدد ممكن من الندائيين في الحكومة المقترحة ومنح حلفاء النداء تمثيلية أوسع صلبها.
وفي موضوع ذي صلة، قدم المهدي جمعة رئيس الحكومة المنتهية ولايته، استقالة حكومته إلى رئيس الدولة الباجي قائد السبسي الذي كلفه بمواصلة تصريف الأعمال إلى حين نيل حكومة الحبيب الصيد ثقة مجلس نواب الشعب وتسلمها السلطة رسمياً، بما يعني أن الموعد الذي كان أعلن عنه لتسليم السلطة أرجئ إلى بداية الأسبوع المقبل، على أمل أن يتوفق الصيد في تشكيل حكومة «ثانية» تنال رضا أغلبية أعضاء البرلمان.