رحم الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز وأسكنه فسيح جناته، و»إنا لله وإنا إليه راجعون». كنت في زيارة لمدينتي الشمالية حين أعلن الخبر، ويعلم الله كم كان وقع الخبر على القلب والعقل والعين، ولكنها إرادة الله ولا راد لقضائه.
الملك عبدالله بن عبدالعزيز سيبقى في قلوبنا كما بقي إخوانه من قبله، فقد كانت فترة حكمه -رحمه الله- مليئة بالتحديات التي كان لها أبومتعب -رحمه الله-، فقد أولى اهتماما كبيرا بالقضايا العربية والإسلامية، وكان لحضوره المميز في كل المحافل الوقع الأكبر في نفوس الحاضرين، وكان يذلل الصعاب ويطرق كل السبل للتقريب بين أطراف الأمة الإسلامية وكان مقبولا في ذلك رحمه الله رحمة واسعة.
ولذلك كانت مبادراته ولقاءاته وخطبه محل تقدير الجميع واهتمامهم ومتابعتهم، ومع كل هذه التحديات إلا أنها لم تشغله عن الداخل، ولم يتهيب القرارات التي تتطلبها المرحلة، فقد اهتم -رحمه الله- اهتماما كبيرا بالتنمية المستدامة والمتوازنة ولا يمكن أن أنسى من هنا أيادي الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- التي غرست وعد الشمال الذي يقع على مرمى البصر، الذي أوجد مدينة صناعية كبرى في هذا الركن من المملكة العربية السعودية، تلك المدينة التي تعد واحدة من سلسلة مدن صناعية تؤكد توجه المملكة للمستقبل، فهذه المدن الصناعية وتلك المدن الصحية والمدن الجامعية هي المحضن الرئيس لمبتعثي برنامج خادم الحرمين الشريفين الذين يتوزعون في كل أقطار الأرض ليكونوا اللبنة الأولى لعصر مزدهر في كل المجالات.
رحم الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز الإنسان والملك والأب والقائد، وإن كنت أقدم العزاء في هذا اليوم فإن ما يخفف وقع هذا الحزن هو هذا الانتقال السلس والميسر لراية المملكة إلى يد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وبارك بعمره وعمله، وسمو ولي عهده الأمير مقرن بن عبدالعزيز وسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف -حفظهم الله جميعا ورعاهم-.
هذه هي الراية بيد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خفاقة عالية مباركة تواصل النهج الذي خطه الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الذي جمع قلوب هذا الشعب، فهذه يدي يا سيدي خادم الحرمين الشريفين تبايعك كما يبايعك القلب والجوارح، وأبايع ولي عهدك وولي ولي العهد على كتاب الله وسنة رسوله. حفظكم الله ذخراً لنا وسنداً للأمة العربية والإسلامية.
الدكتور: محمد بن عوض العطيفي - عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال