الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير الأنام، وعلى آله وصحبه أجمعين.
فجعت الأمة الإسلامية والعربية ومواطني بلادنا الغالية المملكة العربية السعودية بوفاة إمام المسلمين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله وجزاه بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفواً وغفرانا.
لقد رحل عنّا الملك عبدالله وبقيت أعماله الجليلة شاهدة على جهوده الموفقة والمسددة في خدمة الإسلام والمسلمين، ففي عهد الميمون أقيمت أكبر توسعة للحرم المكي الشريف على مر التاريخ، وبدأ العمل على أكبر توسعة يشهدها التاريخ لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزاد عدد الجامعات السعودية إلى ما يقارب من ثلاثين جامعة. وعمل على تحسين الوضع الاقتصادي للمواطن السعودي. وما ذلك إلا امتداد للعهود السابقة لملوك هذا الوطن الكريم منذ تأسيسه على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود رحمه الله وجزاه عن أمة الإسلام خير الجزاء، مروراً بأبنائه الملوك البررة سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله رحمهم الله جميعا.
وإن مما تباشرت به الأمة تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - أيَّده الله - مقاليد الحكم في بلادنا خلفاً لملك الإنسانية عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله -.
والملك سلمان بن عبدالعزيز هو رجل الحكم والإدارة المحنك الذي تخرج من مدرسة والده مؤسس هذا الكيان الشامخ، الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل رحمه الله. ثم عاصر إخوانه الملوك من بعد والده المؤسس وعمل معهم. وحظي بثقتهم بكل كفاءة وجدارة، فهو رجل الحكم والإدارة. ورجل القيادة واتخاذ القرارات.
إن مسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيَّده الله- في إمارة منطقة الرياض لمدة تزيد على نصف قرن من الزمن حافة بالعطاء والحكم واتخاذ القرارات، وشاهدة على الخبرة السياسية له والمعرفة التامة بأمور الحكم والسياسة.
وعرف عنه - أيَّده الله بنصره - معرفته لشعبه تمام المعرفة وتعامل مع كافة طبقات الشعب، ويعرف احتياجاتهم ورغباتهم.
ومن الأوامر الكريمة التي تلقاها الشعب السعودي هو اختياره لأخيه صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، ولا شك أن هذا الاختيار جاء من خلفية سمو ولي العهد وكفاءته فسمو ولي العهد الأمير مقرن - أيّده الله - من رجال الحكم في بلادنا الذين أعمالهم شاهدة لهم منذ أن كان سموه أميراً لمنطقة حائل ثم المدينة المنورة، ثم تولى رئاسة الاستخبارات العامة، ثم مستشاراً للملك عبدالله بن عبدالعزيز ومبعوثاً له ثم صدر الأمر الملكي الكريم بتعيين سموه ولياً لولي العهد ونائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء.
ومن الأوامر الملكية التي أخذها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيَّده الله - أمره بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد ونائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء بالإضافة إلى منصبه السابق كوزير للداخلية.
وسمو ولي ولي العهد وزير الداخلية - أيّده الله - رجل الأمن والقيادة والإدارة الذي منذ أن كان مساعداً لوالده الراحل سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله-، وما أحدثه من تطوير للقطاعات الأمنية وحكمة وقوة وصرامة في مواجهة الإرهاب الذي كشَّر عن أنيابه في وطننا الغالي، إن جهود سمو ولي ولي العهد في حفظ الأمن والاستقرار لبلادنا ومواجهة كل عدو يتربص بأمننا الداخلي جهود موفقة مسددة، ولا نزال ننعم بفضل الله عزَّ وجلَّ ثم تلك الجهود بالأمن والرخاء. حتى أصبحت بلادنا من أوائل البلدان العالمية في التصدي للإرهاب ومحاربته من جذوره.
وهذا القرار الصائب جاء ليؤكد أن بلادنا - ولله الحمد- تنعم باستقرار ووحدة صف وكلمة.
إن ما تعيشه بلادنا منذ أن أسست على يد المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله تعالى - من أمن واستقرار ونماء ورخاء في العيش لهو إحدى المعجزات التي حصلت فبعد ذلك الشتات والحروب والتطاحن والفقر والحاجة جمع الله كلمة هذا الشعب ووحدته تحت راية واحدة، وقيادة حكيمة راشدة، تطبق شرع الله عزَّ وجلَّ وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتخدم حجاج وقاصدي بيت الله الحرام حتى أصبح الحجاج يأتون من كل فج عميق لتأدية مناسك الركن الخامس من الإسلام بأمن وأمان ورخاء واطمئنان بعد أن كان الخوف وقطع الطريق حائلاً يحول بينهم وبين بيت الله الحرام.
وإن لقيادة بلادنا أعمال جليلة في خدمة الإسلام من خلال طباعة كتاب الله عزَّ وجلَّ في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وإقامة المراكز الإسلامية في أرجاء المعمورة. وتوفير المنح الدراسية لطلاب الدول الإسلامية للدراسة في الجامعات الوطنية.
وهذه من النعم التي تنعم بها بلادنا أدامها الله، وحفظ بلادنا وقياداتها وعلمائها وشعبها الوفي من كل سوء يحاك ضدها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
د. أحمد بن عبدالله الباتلي - أستاذ السنة وعلومها بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية