بالرغم من الحزن الذي يسود دولة العظماء استوقفتني تلك الكلمات الرائعة من إنسان رائع، إنه الدكتور سعد آل فهيد وكيل الشؤون المدرسية بوزارة التربية والتعليم، عندما عبّر بكلماته عن تعزيته بوفاة قائد الأمة عبدالله بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين؛ إذ أثارت تلك العبارات قلمي للتعبير عن مشاعر مكنونة بداخلي من شدة الحزن والألم على هذا الفقد الجلل والمصاب العظيم.. عيناي نثرتا دموعهما، وعجزت أناملي عن التعبير.. رأيت الحزن في عيون الناس، نعم يا عبدالله، رحلت عنا وعيوننا تبكيك، بكتك الأرامل .. بكتك المطلقات.. بكاك الأيتام.. بكاك الشيوخ والأطفال، لِمَ لا وأنت قائد عظيم وملك كبير.. لقد رأيت شوارع الرياض وهي صامتة صبيحة يوم الجمعة الموافق 3-4-1436، وكأنها مكان مظلم، لا أنس فيها، الكل وقف منبهراً، ليس امتناعاً عن قضاء الله، لكنه الفقد.. نعم، لا نبكي اعتراضاً على قضاء الله وقدره، بل نبكي حباً للذي فعل الكثير من أجل الأمن والأمان في البلاد.. نعم، تتبعثر كلماتي وعباراتي، ويعجز قلمي عن أن يجمع شتات ما أريد كتابته؛ لأن ما حدث هز كياني وكيان الكثيرين منا..
ولكن رغم ذلك سأتكلم، وسأكتب ما يخالجني ويخالج الكثيرين.. نعم، إنه بوح قلم في لحظه ألم عن فقيد الأمة وفقيد الوطن.. نعم، عشنا يا عبدالله في حياتك منعمين آمنين، رحمك الله يا فقيد الأمة.. نعم، حياة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز شهدت إنجازات الملك الفقيد الرائدة؛ إذ شهدت المملكة العربية السعودية في عهد الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز إنجازات اقتصادية غير مسبوقة، امتدت من تحسين أداء الاقتصاد الكلي للدولة، حتى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين السعوديين عبر مشروعات عملاقة، ساهمت في خلق فرص العمل.
النهضة التي شهدتها المملكة في عهد الراحل الملك عبدالله امتدت لتشمل مختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة، تشكل في مجملها إنجازات تميزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن وتنميته؛ ما يضعها في رقم جديد في خارطة دول العالم المتقدمة، فقد تجاوزت في مجال التنمية السقف المعتمد لإنجاز العديد من الأهداف التنموية التي حددها إعلان الألفية للأمم المتحدة عام 2000، كما أنها على طريق تحقيق عدد آخر منها قبل المواعيد المقترحة.
ومن بين الإنجازات التي تحققت في عهد الراحل الملك عبدالله الموافقة على انضمام السعودية لمنظمة التجارة العالمية في عام 2005، وإعلان مشروعات اقتصادية ضخمة، منها مدينة الملك عبد الله الاقتصادية ومدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد ومدينة المعرفة ومدينة جازان الاقتصادية ومركز الملك عبد الله المالي.
كما شهد برنامج الابتعاث التعليمي للخارج زيادة غير مسبوقة وابتعاث أكثر 500 ألف طالب وطالبة بمختلف العلوم والمعارف، كما تم رفع رواتب الطلبة المبتعثين إلى الخارج بنسبة 50 %.
وعلى صعيد المناطق الاقتصادية فقد تم التخطيط لإنشاء مدن اقتصادية في كل من رابغ وحائل والمدينة المنورة وجازان وتبوك، كما تم تأسيس جامعات جديدة في المدينة المنورة وتبوك وحائل وجيزان والطائف والقصيم والجوف والباحة وعرعر ونجران.
وتم وضع حجر الأساس لمشروعات عملاقة في جدة ومكة المكرمة، تفوق كلفتها 600 مليار ريال تحت عنوان «نحو العالم الأول».
كما شارك - رحمه الله - في مؤتمر قمة العشرين الاقتصادية العالمية، التي انعقدت في واشنطن 2008 للأزمة، التي أعلن خلالها رصد المملكة مبلغ 400 مليار لمجابهة الأزمة المالية العالمية، ولدفع عجلة التنمية والنهضة في المملكة، وضمان عدم توقف مشاريع التنمية بها، ولدعم وحماية المصارف المحلية.
وفي عهد الملك الراحل تم إنشاء هيئة مكافحة الفساد على أن تكون مرتبطة بالملك مباشرة.
وعلى صعيد المشروعات السكنية تم تخصيص 250 مليار ريال سعودي لبناء 500 ألف وحدة سكنية بجميع مناطق المملكة،
وتم إنشاء خمسة مدن طبية، وأمر بإنشاء مدينة «وعد الشمال» الصناعية للاستثمارات التعدينية في عرعر.
وفيما يتعلق بمشاريع السكك الحديدية توسعت السعودية في إنشاء السكك الحديدية؛ إذ تمت الموافقة على توسعة سكة الحديد لتشمل القطاع الشمالي واعتماد القطاع الجنوبي ضمن خطة التنمية القادمة، إضافة لقطار المشاعر وقطار الرياض.
على مثل الملك عبد الله بن عبد العزيز تبكي البواكي. مشاعر الحزن التي عمَّت المملكة العربية السعودية والوطن العربي وبلاد المسلمين هي كلمة الحق في ملك سجل إنجازات غير مسبوقة في عقدين من الحكم: التعليم، التعمير وحقوق المرأة التي جعلها مشاركة في مجلس الشورى بعدد 30 عضوة، ومشاركتها في الانتخابات البلدية، وصدور أوامره بإنشاء أقسام نسائية في جميع مؤسسات الدولة.
«هو أدار الحكم بعد 1996 عندما تعرض الملك فهد لأزمة صحية أقعدته، وأستطيع أن أقول بثقة إنه سار ببلادنا في طريق التقدم، وأرضى الجيل الجديد من دون أن يُغضِب محافظين يعتبرون التغيير بدعة أو ضلالة».
في سنوات حكم الملك عبدالله بُنيت 12 جامعة جديدة، أكثرها للعلوم والتكنولوجيا، مع مستشفيات مرافقة، وجرى توسيع جامعات أخرى وتطويرها، مع التركيز على تعليم البنات، ومع فتح عضوية مجلس الشورى أمام النساء.. التعليم العالي متوافر للجميع، وربما كان هناك 15 ألف طالب علم سعودي في الخارج بالاتفاق بين جامعات سعودية وغربية، ومشروع الملك عبدالله للتطوير، وغيرها من الأعمال الجليلة لخدمة العلم والمتعلمين.
الملك عبد الله سعى إلى رفع نسبة العمالة السعودية في مشاريع بناء البلد؛ لتصبح ثلاثة أضعاف ما كانت في السابق، وأطلق مشاريع طرق جديدة مع تطوير البنية التحتية. هناك مشاريع لقطار سريع يربط جدة والطائف مع مكة والمدينة، كما أن هناك خططاً لبناء مترو أنفاق في المدن الكبرى. وطبعاً لا يمكن أن ينسى السعوديون والمسلمون حول العالم دور الملك وفضله في توسعة الحرمين الشريفين.
رحم الله الملك عبد الله الذي على مثله تبكي البواكي؛ كان إنساناً عظيماً. نعم، نعزي أنفسنا، ونعزي ونبايع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد مقرن بن عبد العزيز وولي ولي العهد محمد بن نايف على السمع والطاعة.. معاً سوياً يا سلمان السلام.
- غدير عبدالله الطيار