لا شك أن الموت حق وكلنا راحلون لا محالة، وكما قال المتنبي:
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته
يوماً على آلة حدباء محمولٌ
غير أن رحيل الكبار مثل الشيخ حمد بن حسين بن حمد أبوساق يعد خسارة كبيرة وفقداً فادحاً لأهالي نجران وقبائل يام، فقد كان الشيخ حمد بن حسين أبوساق رجلاً من طراز فريد ذا معدن أصيل وأسلوب نادر في تعامله وتواصله مع الجميع.. كان رجلاً ذا خصائص مميزة من الشمائل الطيبة والفضائل العالية. ولهذا عكس رحيله إحساساً كبيراً بالخسارة، فلقد كنت بيننا قمراً منيراً، وواحة خضراء في صحراء حياتنا بحبك للخير وتفانيك في بذل المعروف لمن عرفت ولمن لم تعرفه، رحلت عنا وتركت خلفك رصيداً من الخيرات من أمثال أولئك الرجال من أبنائك الكرام ممن سيحملون اسمك ويحافظون على سمعتك الطيبة ومآثرك الحميدة..
وستظل مكة المكرمة ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خير شاهد على اهتمامك الكبير ومثابرتك على عقيدتك وحرصك على دينك وتقواك. وزياراتك المتعددة للرحاب الطاهرة من جملة الفضائل التي زرعتها في أبنائك وحرصت كل الحرص على أن يثابروا على كل مسعى يؤدي إلى الخير وخدمة الآخرين..
سنذكرك دائماً يا فقيدنا الغالي بمبادرات الخير التي أطلقتها بيننا، وبشمائل المعروف التي جمعت محبيك حولها، وبالفضائل والمكارم التي حققتها في حياتك وطبعت بها أيامنا.. ستذكرك نجران بمواقفك.. وستستعيد قبائل يام ذكريات حضورك بينها رمزاً كبيراً ورجلاً مقبولاً في الرأي والمشورة..
أثابك الله يا شيخنا بقدر ما قدمت للدولة والقيادة الرشيدة وأهلك وعشيرتك وقبائل يام من مواقف الرجال الكبار، وأسكنك الله فسيح جنانه.. وستظل بيننا رجلاً شامخاً وجبلاً عالياً بما تركته من أعمال ومواقف حق لها أن تكتب بماء الذهب.. وإني يا شيخنا لجد حزين ألا أكون ممن يقفون لتقبل العزاء في رحيلك الفاجع لظروف وجودي خارج المملكة..
ولو أنك كنت بيننا لترى محبيك ومعارفك من خارج نجران وقبائل يام قد توافدوا جموعاً كبيرة وكثيرة حينما ترامى إلى مسامعهم هول الخبر الحزين.. جاؤوك ولم تكن هذه المرة بينهم.. جاء الأقربون والأبعدون ومن لم نعرفهم ولكنهم اجتمعوا على شيء واحد يا أبا إبراهيم.. على مكانتك.. وخصالك وفضائلك وعلو قدرك بين الناس.
وفي الختام.. أحر العزاء لأشقائك وأبنائك الكرام ولنجران عامة وقبائل يام.. ودعائي لك أن يرحمك الله برحمته الواسعة التي وسعت كل شيء ويسكنك الفردوس الأعلى.. وأن يلهمنا بعطفه وكرمه الصبر على مرارة فقدانك.. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
- عبد الله بن صالح بن هران