ذكرت في مقالات سابقة، أن مشكلة كرتنا الأزلية، هي في اعتماد اللاعب عندنا على المهارة الفطرية والاجتهاد الشخصي فقط!! وكل البطولات السابقة التي تحققت لنا، كانت قائمة على هذين الجانبين، أكثر من أي شيء آخر، ساعدنا في ذلك، تأخر بعض الدول العربية والآسيوية، في اللعبة، وعدم الاهتمام بكرة القدم من الأساس، في البعض الآخر، كاليابان مثلاً، وعندما بدأت تلك الدول، في الاهتمام بكرة القدم، وتطوير اللعبة واللاعب، والاهتمام بالنشء وتقوية القاعدة، التي هي أساس البناء، انكشفت كرتنا أمامها، وظهرت هشاشتها وضعف مخرجاتها، وبدأت تخسر أمامها بسهولة، وتتنازل لها عن البطولات، وحتى عن الانتصارات مؤخراً!! ومن يعتقد أن كرتنا تراجعت، فهو واهم ومخطئ، فهي لم تتراجع ولم تتقدم، بل هي ثابتة وتراوح مكانها، والبقية هم المتحركون، هي ولدت في الهواية، وعاشت بها، واستمرت عليها، رغم تطبيق الاحتراف منذ عقود!! والعناصر التي خسرت -مؤخراً- أمام أوزباكستان وخرجت من البطولة، لا تختلف كثيراً من ناحية الشكل والفكر والمنهجية في الواقع، عن العناصر التي فازت على نفس الفريق، قبل سنوات قليلة بالخمسة، الذي تغير فقط هو أوزباكستان، والحديث عن ضعف إعداد اللاعب السعودي من الصغر، ليس حديثي أنا، أو من خيالي، بل هو واقع اعترف به، وأقره اللاعبون أنفسهم، فحسن معاذ وأسامة هوساوي، ذكرا هذا الكلام، على هامش المعسكر الاستعدادي، الذي سبق بطولتي الخليج وآسيا، وكرره هوساوي في أعقاب الخروج الآسيوي، وفصل فيه كوزمين أثناء المؤتمر الصحفي الذي تلا مباراة أوزباكستان، وذكره الكثير من الإعلاميين والجماهير -مؤخرا-، وما يهمنا هو أن يعترف به ويعمل عليه، المسؤولون أنفسهم، وليس نحن، فهم المعنيون بإصلاح الحال، وما ذكره الرئيس العام لرعاية الشباب، على هامش البطولة الآسيوية الأخيرة، من وداع للمسكنات، والعمل على جلب مدرب، يعمل مع المنتخب، لسنوات عدة، لن يغير من الواقع شيئاً!! وهو امتداد للمسكنات في الحقيقة، فأعظم مدرب في العالم، لن يستطيع عمل أي شيء، مهما وفرت له الاستقرار، طالما أن اللاعبين غير مؤهلين فنياً بالشكل الكافي، أما رئيس اتحاد الكرة، فصرف للشارع الرياضي، المسكنات والوعود الوردية، علانية ودون مواربة، عندما اجتر العبارة الشهيرة (نعدكم بالتعويض والعمل بأقصى جهد في البطولات القادمة)، وطالما نحن على هذا الطريق سائرون، فنحن موعودون، بالمزيد من التقهقوالانكسار، ولن ينصلح حال كرتنا والله، حتى نعود إلى القاعدة، ونبنيها البناء السليم، القائم على إنشاء الأكاديميات والمدارس الكروية، التي يقوم عليها مدربون مؤهلون ومختصون، ببناء النشء وغرس المهارات، والمقومات الفنية الأساسية، والأولية للعبة فيهم، كما تفعل كل دول العالم الحريصة، على تقوية كرتها وبالتالي منتخباتها، وإذا عجزنا عن هذا، وجنحنا للعمل على تحقيق النتائج الوقتية كالعادة، فعلينا على أقل الأحوال حينها، إرسال لاعبينا الشبان إلى بعض الدول المتقدمة كروياً، لتعلم الكثير من أساسيات الكرة المفقودة لديهم، ولتنمية ثقافتهم الاحترافية، ولمدة كافية تمكنهم من نضوج تجربتهم، وليس كما فعلنا من قبل، عند إرسال بعض اللاعبين لفترات قصيرة وبشكل عشوائي، وغير مدروس، لم يعد علينا بأي فائدة.
- صالح الصنات