كثيراً ما نسمع عبارة (مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.. فمن كان ذو همة وصل القمة). بهذا المنطلق انطلق آلاف من الناس نحو ما يصبون إليه، متجهين إلى القمة تحدوهم الثقة بالنفس ويعززهم الأمل، فكم قضينا الليالي نفكر في الأحلام والآمال والأماني طامعين في أن نعيش تلك الأحلام على أرض الواقع، فنجد من أراد أن يحقق هدفاً يسعى جاهداً في الوصول إليه بشتى الأساليب والطرق، ويبذل الجهد ويشد العزم نحو الهدف.. لكن لكي نصل إلى القمة فلابد من أن نغوص في عمق الأشياء، وابدأ بنفسك أولاً .. ولتقف مع نفسك وقفة صادقة، فلا يمكن أن تملك مهارة الاتصال بالآخرين إن لم تتصل بنفسك أولاً وتعرفها، وهذا هو مفتاح النجاح.
اكشف حقيقة نفسك وارفع الستار عن مكنونها واتصل بها بكل الأشكال وجميع المستويات، تعرَّف على دواخلك.. مكنون نفسك.. نقاط القوة.. نقاط الضعف.
اسأل نفسك أولاً: من أنت؟ ما هي المهارات التي تتمتع بها؟ ماذا يميزك عن غيرك؟ ما الأمر الذي إذا مارسته تجد الثقة في نفسك؟
كيف تمارس هذا التميز وكيف تحقق أهدافك؟
هل وضعت خطة لكي تمارس عملك؟ هل يوجد عوائق تمنعك من الوصول إلى أهدافك؟
ماذا فعلت تجاه هذه الأشياء .. وكيف تعاملت معها؟
فهذه لائحة من الأمور التي يجب أن تضعها أمامك قبل الانطلاق، فمتى ما تعاملت معها تستطيع الوصول إلى القمة..
ولنا من الناجحين والعباقرة والمخترعين وكذلك من انتصروا على أهوائهم وشهواتهم خير مثال والتاريخ يَعُجُ بسِيَرهِم، فما الفرق بينك وبينهم سوى أنهم عرفوا أنفسهم وسبروا أغوارها وتعاملوا معها (فمن كان ذو همة وصل إلى القمة).
فلتكن لديك الهمة واتصل مع نفسك وثق بها وانطلق وكن كالملك في خطواته (فواثق الخطا يمشي ملكاً)، وأعمل جاهداً للوصول إلى القمة.
والآن .. هَب أنك وصلت إلى القمة وأنت الآن تتلذذ بطعم النجاح، سؤالي..
ما هو المطلوب بعد الوصول إلى القمة؟ هل الوصول نقطة النهاية؟
أقول لك كلا.. إنها نقطة البداية!!
فمطلوب منك الثبات على القمة وهذا أصعب من سعيك للوصول إليها.
والثبات يكون بمخالفة هوى النفس والتمسك بالعزيمة والصبر والتوكل على الله.
فالشيطان لن يترك طريقاً إلا وسيسلكه لثنيك عن القمة ويسعى لأن تفشل وتتراجع. فقد توعد - لعنه الله - بإغواء بني آدم، قال تعالى: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}(82 -83) سورة ص. فهنا استثنى المخلصين فليس له قدرة عليهم.
وقال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (62) سورة يونس.
فكن ولياً لله في عملك واخلص له فلن يضرك كيد الشيطان الذي لا يألو جهداً في أن يثنيك عن ما عزمت عليه، فكن لله كما الله يريد أن يرى منك، ولتكن همتك عالية تناطح السحاب، سلاحك بذلك العزيمة والصبر والتوكل على الله.