قرر أن يعود لبلدته الصغيرة.. فلم يعد هناك مجال للحلم بأن تفتح له المدينة أحضانها.. تقلب فى أعمال كثيرة.. لكنها جميعا انتهت إلى نفس النهاية.. أحصى ما معه من نقود.. وجد أنها تكفي بالكاد لعودته بالقطار. شق زحام المحطة بصعوبة ونجح فى الحصول على بطاقة للعربة الأخيرة فى القطار.. طال انتظاره وترقبه.. وفي النهاية.. وصل القطار إلى رصيف المحطة.. أطال النظر للعربة الأولى.. كل شيء لامع.. وسمات الفخامة تبدو عليها عبر النوافذ الزجاجية البراقة على خلاف باقي العربات التي تغطت بالتراب حتى ما عاد يبين لها لونا.. سارع بالذهاب إلى نهاية القطار... ووسط حشود من البشر أطال البحث عن رقم العربة المنشودة لكنه لم يجد لها أثرا.. لم يستطع أحد أن يساعده فى العثور عليها..
كرر المحاولة مرات ومرات دون جدوى... تهاوى على مقعد حجري وقد استسلم لليأس.. تحرك القطار بعد وقت قصير.. أطال النظر متحسرا.. وقعت عينه على العربة الأولى التي أثارت إعجابه.. لمح الرقم المسجل على جانب العربة.. كان هو ما يبحث عنه.. أدرك بعد فوات الأوان.. أن العربة الأولى هي آخر ما يغادر المحطة... حاول اللحاق بها.. لكن الأبواب الموصدة حالت بينه وبين الوصول.
- هشام السحار