في مقال د. موزة العبار بعنوان: (العولمة والعلوم الإنسانية)، في هذه الجريدة المنشور بالعدد 21038 السبت 8 محرم 1436هـ الموافق الأول من نوفمبر تشرين الثاني 2014م، استخدمت كلمة (العولمة) في عنوان المقال وفي ثنايا المقال نفسه رغم أن المعنى يختلف فيما بينهما، وهناك من يظن بأنهما بمعنى واحد خاصة وأن العلوم الإنسانية لا علاقة لها بالعولمة، وإنما بالعالمية، والفرق ظاهر بين العولمة والعالمية: لفظاً ومعنى.
فالعولمة دخول شعوب العالم في عالم نمطي مغايير لما اعتاد عليه في الحياة المعاصرة، وهي: هيمنة شركات الدول المتعددة الجنسيات (الغربية والأمريكية والاسكندنافية) على أسواق واقتصاديات بلدان العالم التي انضمت إلى اتفاقيات (اتفاقات) منظمة التجارة العالمية، وسيتم تطبيقها تباعاً وفقاً للتواريخ المحددة في مواد هذه الاتفاقيات!.. وأما العالمية فهي ما جاء في استهلال مقال الكاتبة هذا نصه:
العالمية وليس (العولمة) تفرض نفسها على البشرية كلها، فهي في حقيقتها مظهر أو أثر من آثار ثورة المعرفة والاتصال.
وأضافت: نشغل العقول الكبيرة في العالم بهذه الثقافة الجديدة تقصد العالمية ثقافة الأرقام والحروف والكشف عن أسرارها وتوظيفاتها على النحو القديم الغامض الذي اتخذ من طلاسم وتمائم.
وتابعت الكاتبة: إننا نعيش في ظل تفجر ثورة معلوماتية (عالمية) تعبر الفضاء المفتوح دون حسيب أو رقيب لتؤسس لنظام عالمي جديد يفتقر إلى الأصول العلمية والأخلاقية والمنطقية، الأمر الذي يحتم علينا في جميع دولنا العربية والإسلامية تنشئة أجيالنا وفق أبجديات المنطق وأسس المنهج العلمي ليكونوا خط الدفاع الأول في مواجهة الغزو الثقافي الغربي، وتداعيات عصر (العولمة) العالمية بما فيه من أفكار تتعارض مع قيمنا وثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية (الأصيلة).
ولكي تؤكد الكاتبة على الصلة القوية بين العالمية وبين جميع العلوم الإنسانية أشارت من منطلق أنها تتجه جميعها إلى دراسة موضوع واحد هو الإنسان!.. وأضافت: ولكن كل علم منها -تقصد العلوم الإنسانية- يستقل بدراسة جانب من جوانبه.
اكتفي -بما ذكرت آنفاً- لأنه يتعلق بالعالمية، أما تبقى من المقال، فقد تطرقت الكاتبة إلى علماء الإسلام في مجال العلوم الإنسانية. وللتفرقة بين (العالمية) التي حاول البعض من الكتّاب استخدامها بمعنى (العولمة) رغم أن الاختلاف بينهما بينٌ، ولا يحتاج إلى مزيد من التفصيل سوى التأكيد على أن (العولمة) في مظهرها الأساس تكتل اقتصادي للقوى العظمى لاسثمار ثروات شعوب العالم؛ مواده الأولية وأسواقه على حساب الشعوب الفقيرة، واحتواء المركز للأطراف.
وباختصار شديد العولمة: ظاهرة للترويج لاقتصاد السوق العالمي الذي يدار بقوى الشركات الغربية المتعددة الجنسيات، أي تصريف منتجاتها من السلع في داخل بلدان العالم، مما يضعف اقتصاديات البلدان (المعولمة) فتضطر إلى الاعتماد الكلي على اقتصاديات بلدان العالم الغربي (الأجنبي) بسبب كبر حجم (المنافسة) على ما تنتجه هذه الشركات من كميات ضخمة، وأسعار مخفضة لا يمكن لاقتصاديات الدول الأخرى منافستها.
هامش:
انظر: مؤلفينا بعنوان: (امبراطورية العولمة، والعولمة: مخاطر وتحديات لمزيد من التفصيلات.
- طلال محمد نور عطار