كل إنسان على وجه المعمورة يكره العنف والبطش والقتل والتقتيل والإرهاب بكل أشكاله، عدا شياطين الإنس الذين لا يبالون بحياة الخلق ويريدون أن يعبثوا بالقيم وكل ما هو إنساني.. وبخلاف الحديث عن الإسلام وسماحته فهو بريء من كل هذه الأعمال التي يدّعي أصحابها الإسلام، والإسلام بريء منهم ومن أعمالهم، وما نراه اليوم من عبث ما هو إلا نتاج حفر الغرب التي صنعوها للشرق والعالم الإسلامي بالذات، فدعموا بطريقة أو بأخرى توجهات فئات خرجت باسم الإسلام وهي في الواقع خارجة عن الإسلام والمسلمين، وصنع الغرب أجنحة هذه الجماعات وتغاضى عن أفعالها، ثم عاد حينما بدأ خطرها يتعاظم وعندما وقع في الحفر التي حفرها مسبقاً للشرق عاد ليقاوم ويصيح وانقلب السحر على الساحر.
أولاً: لأن هذه الجماعات بعد أن أخذت الإسناد الكافي تمادت على أسيادها ومعمميها، فلحقت بأطراف ثيابها بنيران بسيطة لكنها هزت عروشها وأمنها وأظهرتها ضعيفة أمام هذا المد المجنون الذي اعتقدوا أنه سيأكل العالم بعد أن يترسم ويسير العالم على مزاجه.
ثانياً: كانت الإشارات في البداية تسير ضد الدول العربية وزعزعة الأمن فيها وإرباكها وتحويل الحروب والصدامات من أوروبا وما جاورها إلى بلاد العرب وإشغالهم بالحروب والمكائد والنزاعات وإظهار الأحزاب والتحزبات وتقسيم العالم العربي إلى دويلات تفصِّلها على مزاجها فيما يشبه الحفر الملغومة، فتحولت هذه الحفر إلى الغرب لتحرق شوارعها وميادينها ويذبح أفرادها على جبهات النصرة وداعش والقاعدة ذبح الخرفان.. فقامت قائمة الشعوب الأوربية تستنكر سكوت وتراخي حكوماتها، حتى أصبح الثعبان الأسود يلعب في الحديقة الأوروبية فقامت قائمة الغرب وأقرب دليل على ذلك ما حدث في فرنسا بالأمس، وإن كان للأصابع الإسرائيلية دور خفي في هذه المواضيع وغير ذلك من الأحداث الإرهابية في مواقع أوربية، فشربت من نفس الكأس التي شرب منها الآخرون، وبدأت تحاول لملمة فشلها وفشل سياستها مع الإرهاب منذ البداية.. وقد حذّر خادم الحرمين الشريفين قبل فترة من توسع نطاق الإرهاب وانتشاره بالعالم كله وليس العرب فقط، وطالب بموقف موحد وحازم لدرء شر هذا الانتشار وإخماد حرائقه وتجفيف منابعه، ولكن لم تكن الاستجابة في البداية كما يجب بل كانت تمشي الهوينا.. فحصل ما حصل، وسيزداد الأمر سوءاً في الأيام القادمة.. إذا لم يتم تلافي تراخي العالم تجاه ما يحدث من تداعيات.. ومؤامرات وخلل المواجهة الحقيقية مع الإرهاب.. إذ لا بد من وقفة شمولية حازمة إذ إن الإرهاب لا دين له ولا مذهب.. ثم يجب التفكير جدياً في حماية الناشئة والشباب المستضعفين مما يروّج له دعاة الإرهاب وإيجاد الدعاية المضادة التي تفسد مقاصد رعاة الإرهاب ومن يدور في فلكهم.. إذ إن التوجهات مع هذه الفئات الشيطانية تزداد بالخدع والحيل وبعض الشباب ذهب (أعمى) وعاد مسرعاً بصيراً بعد ما شاهد بأم عينه زيف ما يدّعيه رعاة الإرهاب من داعش والنصرة والقاعدة وأربابهم الذين يتولون مساندتهم.. وقد رأينا وسمعنا أحاديث العائدين من أتون تلك الجماعات بما يشيب له الرضيع فلا بد من مواجهة على كافة الأصعدة الدينية، وقد بادر العلماء الأجلاء بتبيان كثير من الأمور المهمة في هذا الاتجاه.
وكذلك الخطباء وكتّاب الرأي والفكر وكل ذي لب على وجه البسيطة، فلنكن جميعاً على خط المواجهة ضد الإرهاب ورعاته ومخترعيه.. أول ما نقوم به مساندة الأمن وتنظيف البلد من الخونة والمستأجرين والأشرار، والوقوف بحزم ضد كل من يحاول العبث بأمننا، فالمواطن هو رجل الأمن الأول ونحن كلنا فداء للوطن.. إذ إن وطناً لا نحميه لا نستحق أن نعيش فيه وعلى الإرهاب ورعاته تدور الدوائر.