جزى الله خيراً قيادتنا الموقرة على مؤازرة ومساندة جهاز الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتأييدها له بالقول والفعل، وهذا الجهاز المبارك كما هو معروف هو من أساسيات واهتمامات عمل الدولة دائما وأبدا أيدها الله تعالى، لذا فإن الجميع يعلم لما لرجال الحسبة من مكانة كبيرة في بلادنا وفي المجتمع المسلم عامة، فهم الذين يُدافعون ويُنافحون عن حقوق المسلمين وأعراضهم بل ويوجهون الناس ويُرشدونهم إلى معالي الأخلاق وإبعادهم وتحذيرهم من سلوك سبيل الغواية. أعاذنا الله جميعا منها. لذلك يأتي أثر رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر البالغ والواضح في المجتمع الإسلامي. كيف وقد أمرنا الله تعالى بسلوك هذاالنهج العظيم وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. حيث قال جل شأنه في محكم التنزيل {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}، وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي يرويه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) إن أهل الحسبة جزاهم الله خيرا يمنعون أصحاب المنكرات من ارتكاب منكراتهم حفاظا على دينهم وأخلاقهم، لأنهم يُرشدونهم إلى أعمال الخير والتقوى ويُبعدونهم عما سوى ذلك. فكم أنقذوا أهل الحسبة من ضال وعاص يُحاولون جهدهم أن يبعدوه عن بؤر وبراثن السوء، وكانوا سببا في هداية كثير من الناس فجزاهم الله خيرا وأجزل لهم المثوبة والأجر... الواجب علينا أن نكون مع أهل الحسبة. رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لا أن نكيل لهم التهم جزافا دون تروي، وأن نعي ذلك الدور الإيجابي الكبير من خلال الأعمال الجليلة لرجال الهيئة من أجل أفراد المجتمع، وأن لا نرمي بالأقوال أو نبالغ في انتقاد أخطائهم فهم بشر يُخطئون كما يخطئ الآخرون. لكن صوابهم أكثر من خطئهم فجزاهم الله خيرا على أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. إن مبدأ الذب والدفاع عن إخواننا المسلمين من أهل الخير ما جعلني أبدي رأيي المتواضع حول رجال الحسبة وما يقدمونه من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر! ندعو الله تعالى أن نكون وقافين عند حدوده ومنافحين عن أهل الحق. وأن نكون من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، فهذه المسؤولية الكبيرة والعظيمة لا تقتصر فقط على رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهيعن المنكر فحسب، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته...)، وإن ما فعله ويفعله قديما وحتى الآن المرجفون في المدينة في محاربة ومواجهة أي دعوة وأمر بمعروف ونهي عن المنكر لهو أمر يدعو للتفكر فيه ومواجهته والعمل من أجل إبعاده عن الإسلام وأهله حتى لا يحدث شرخاً كبيراً في صرح الكيان العظيم - هذا الدين القويم وهذه الدولة الفتية... يقول الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ}، والخراصون هنا هم الكذابون الذين يشككون الناس في معتقدات دينهم أو المرتابون.. وقد كان معاذ رضي الله عنه يقول في خطبته - هلك المرتابون - وقال قتاده رحمه الله: الخراصون أهل الغرة والظنون - وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الذين هم في غمرة ساهون. أي ساهون في الشك وغافلون لاهون، إن هؤلاء وأمثالهم ممن يشككون الناس في أمور دينهم ومبادئه هم والله في خطأ وخطر عظيمين ليس إلا لأنهم يضلون أنفسهم ويريدون إضلال الناس معهم. بل ويذهبون مذاهب شتى ليست من هذا الدين في شيء، وهذا نجده في سائر الحياة ومناحيها ومجالاتها... سواء كان ذلك في عاداتهم وتقاليدهم أوكتاباتهم وآرآئهم و في شؤون حياتهم الأخرى!! لذاً فإنه يتحتم على الجميع عدم الانصياع لمثل ذلك سواء ما يبث من خلال الكتابات المختلفة أو من خلال القنوات والتي لا هم لها إلا العبث بأفكار الناس وعقولهم. حتى يضلوهم بغير علم ولا بصيرة.. فالأحرى بمن يوجه الناس أن يتصف بهاتين الصفتين الهامتين - العلم والبصيرة، فقد قال جل وعلا: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}... فالمؤمن مطالب بأن يكون أيضاً على وعي وإدارك وعلم بما يُبث له ويكتب إليه حتى يأخذ ما يوافق دينه ومعتقده وخلقه وينبذ ما سوى ذلك مما لا يمت لهذا الدين بصلة،ولا إلى أخلاقه ومبادئه السامية النبيلة، وليحذر من ذلك أيما حذر حتى يقي نفسه ودينه وخلقه من أمراض وأوبئة فتاكة قاتلة ومن الآراء والمعتقدات الغريبة الحالقة.
تلك الحالقة التي لا أقول تحلق الرأس بل تحلق الدين كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم. اللهم اجعلنا هداة مهديين لا ضالين ولا مضلين - آمين.. هذا والله أعلم وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.