حينما تناقش إحدى قضايا مجتمعنا المثيرة للجدل عبر وسائل الإعلام المختلفة وفي المجالس الخاصة والعامة نسمع كثيرًا عبارة (المجتمع يرفض هذا) وعبارة (المجتمع يريد هذا). وإلى هذه اللحظة لم استطع تحديد هوية ومكان هذا المجتمع الذي يرفض ويريد وهو غائب عنا وعن حواراتنا.
تابعنا الكثير من البرامج التي تستضيف عددًا من المهتمين بالشأن الاجتماعي - وعلى اختلاف توجهاتهم- وهم يناقشون قضايا المجتمع وكل منهم يحاول إثبات ما يريد المجتمع وما لا يريد.
ما يجعلني أقع في حيرة هنا هو أن أولئك المتحاورين هم أبناء مجتمع واحد، وآراؤهم التي يطرحونها نبعت من بيئتهم ومع هذا أجد أنهم ينتظرون النتائج من ذلك المجتمع الذي تم تغييبه عن الواقع! في الحقيقة أن المجتمع هو أنا وأنت ومن يعيشون معنا سواء على مستوى الأسرة أو الحي أو العمل أو المدينة وجميع ذلك يكون الوطن الذي ننتمي إليه جميعًا، وإذا أخذنا هذا الأمر بعين الاعتبار فسيكون المجتمع حاضرًا ولن تكون هناك حاجة لتغييبه أوالتكهن برغباته لأننا هنا سنتحدث عن أنفسنا.
قضايا اجتماعية كثيرة مطروحة للنقاش وكثير منها لم يتم حسمه بانتظار الرأي النهائي لذلك المجتمع الغائب الذي تم عزله عن الأفراد الذين يناقشون قضاياه وظواهره ممن أعلنوا آراءهم وتوجهاتهم بصراحة.
أي مجتمع في العالم هو خليط من أفراد يحملون رؤى وتوجهات وسلوكيات مختلفة وهنا يكون من الصعب - إن لم يكن من المستحيل- أن نفرض عليهم أسلوبًا واحدًا في العيش أو التفكير. في نظري أن من يستطيع تحديد هوية ذلك المجتمع وتبيان ما يريد وما لا يريد هو النظام الذي لا يجب أن يهمل قضية أو ظاهرة تكون محل نزاع اجتماعي. فالنظام الذي يراعي مصلحة المجتمع ويحقق العدالة قادر على احتواء جميع أفراد المجتمع، وبالتالي يكون هذا النظام هو مرجعية الأفراد لمعرفة واقع مجتمعهم وما يناسبه وما يريد هذا المجتمع وما لا يريد وبالتالي الوصول لمستوى مثالي في الحوار.