هَبَّتْ عَلَيْهِمْ زَيْنَـةٌ وَهُدَى
فَأَتَى الصَّقِيْعُ فَشُرِّدُوا بَدَدَا
اللَّاجِئُونَ جِوَارَ مَوْطِنِهِمْ
سُوْرِيِّةٍ جَوْراً قَضَوا كَمَدَا
تَرَكُوا حَمَاةَ وَغَادَرُوا حَلَباً
هَجَرُوا الفُرَاتَ وَفَارَقُوا بَرَدَى
بَشَّارُ لَمْ يَتْركْ مُظَاهَرَةً
تُبْدِي مَطَالِبَ يَومِهَا وَغَدَا
فَسَعَى يُجُوِّعُ شَعْبَهَا وَمَضَى
بِحِصَارِه للشَّعْبِ مُضْطَهِدَا
شَعْبٌ يُعَانِي فَهْوَ مُعْتَقَلٌ
شَعْبٌ يَجُوعُ فَيَلْعَنُ الأَسَدَا
تِلْكَ البَرَامِيْلُ الَّتِي انْهَمَرَتْ
فَوقَ المَنَازِلِ فَاخْتَفَتْ هَدَدَا
أَودَتْ بِآلَافٍ مُؤَلَّفَةٍ
رَحَلُوا إِلَى جَنَّاتِه شُهَدَا
وَمَضَتْ مَلَايِيْنٌ مُشَرَّدَةً
جَرْحَى وَمَنْ بِإِعَاقَتَيْنِ بَدَا
أَطْفَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُم نَزَحُوا
وَشُيُوخُهُمْ قَدْ بَارَحُوا البَلَدَا
صَرَخَاتُهُمْ ضَاعَتْ بِعَالَمِهِمْ
وَمَضَتْ فَمَا وَجَدُوا لَهُمْ سَنَدَا
يَسْتَصْرِخُونَ لِنَجْدَةٍ عَرَباً
لَكِنَّهُمْ خَابُوا مُنَىً وَنَدَى
مَأْسَاتُهُمْ نُسِيَتْ بِأُمَّتِهِمْ
حَتَّى تَعَذَّرَ مَنْ يَمُدُّ يَدَا
فَمُخَيَّمَاتُ البُؤْسِ تَجْمَعُهُمْ
مَرَضٌ وَجُوعٌ بِالأَسَى اتَّحَدَا
لِتَزِيْدَهُمْ بِالبُؤْسِ كَارِثَةٌ
هَبَّتْ عَلَيْهِمْ زَيْنَةٌ وَهُدَى
الثَّلْجُ أَشْبَه فِي تَسَاقُطِه
وَقْعاً بَرَامِيْلاً لَهُنَّ صَدَى
هَدَّ الخِيَامَ عَلَى الَّذِيْنَ بِهَا
لَمْ يُبْقِ أَعْمِدَةً وَلا وَتَدَا
فَإِذَا العَرَاءُ وطَقْسُ عَاصِفَةٍ
أَعْتَى وَأَفْضَعُ وَاقِعاً وَمَدَى
لا فَحْمَ تَدْفِئَةٍ وَلا حَطَبٌ
وَالغَازُ وَالمَازُوتُ قَدْ نَفِدَا
وَالجَوعُ يَحْصُرُهُمْ وَيَنْهَشُهُمْ
مَاتُوا فَمَنْ أَحْصَى لَهُمْ عَدَدا؟
رُحْمَاكَ لَيْسَ لَهُمْ سَوَاكَ وَقَدْ
عَزَّ المُعِيْنُ وَنَامَ فَافْتُقِدَا
رُحْمَاكَ لا أَمَلٌ وَلا قَدَرٌ
إِلاَّ بِحُكْمِكَ رَحْمَةً وَهُدَى
فَالْطُفْ بِهِمْ مِنْ نَوْءِ عَاصِفَةٍ
يَا خَيْرَ مَن يُدْعَى وَمَنْ عُبِدَا
وَرِثُوا مِن اليَرْمُوكِ رَايَتَهَا
جِيْلاً فَجِيْلاً أَورَثُوا رَشَدَا
فَالمَسْجِدُ الأَقْصَى يَحَدِّثُهُمْ
عَنْ فَاتِحِيْه وَمَنْ بِه سَجَدَا
إِنَّ النُّصَيْرِيِّيْنَ قَدْ عَصَفُوا
فِيْهِمْ فَبِئْسَ القَومُ مُعْتَقَدَا
- د. عبدالرحمن عبدالله الواصل