تعتبر ثورة أجهزة التّقنية الحديثة التي احتاجت العالم منذ تسعينات القرن الماضي أثرت على كافة مناحي الحياة وكان لا بد لدور الصّحافة الورقية أن تتأثر هي الأخرى بهذا الواقع الملموس المتأمل بعمق لواقع الصحافة الورقية في عالمنا العربي سيلحظ ضعف إقبال القراء بعض الشيء على الصحافة الورقية بشكل عام واستبدالها بالصحافة الإلكترونية لا تزال الصحافة الورقية قائمة على وجه العموم على الساحة إلا أن البعض من القراء يرى من وجهة نظره المتواضعة أن عصرها قد بدأ يتدرج رويداً رويداً نحو الخلف - علماً أنها تفعل واقعاً فرض نفسه كمستجد على السّاحة بل إن ممارسات القراء الأدبية والثقافية قائمة لا تلتفت يميناً أو شمالاً إلى هذا الأسلوب.
فهناك حراك وعراك بين تلك الصّحافتين من نواح متعدِّدة وهذا الحراك لا تراه ولا نشعر به لأنه ليس به صليل من السّيوف ولا دوي من القنابل أو المدافع أو الصواريخ ولكنه مع صمتهم المتواصل يشعر به القارئ والمفكر والمثقف والباحث بنظرة ثاقبة تارة ويعجب من هجومهم ودفاعهم المستميت تارة فهي أشبه ما تكون بالمعركة الحربية المتعددة الاتجاهات والميادين أو الحرب الاقتصادية على الصناعات بشتى أنواعها وصورها أو بين الثقافات المتنوعة التي تحافظ عليها المجتمعات في أنحاء المعمورة.
فإنها تبتعد أحياناً عن القارئ الكريم ولكن تبدو في وضوح تام نتائجها الحراك والعراك يلين تلك الصحف التي تدور رحاها بين القراء فهم في ميادين القتال متلاحمين ومتشابكين فيما بينهم فقد خرج من تلك الطائفتين.
* طائفة مثقفة ثقافة دينيا.
* والطائفة الثانية ثقافة عليا.
أما الأولى فإنها تعشق الصحف الورقية يحكم أنها تجد ضالتها فيها ولا تستغني عن الورق لأنهم يرون أن غذاء هم الدسم وعمادهم في حياتهم الفكرية فهي تحقق مطالبهم وتحاول أن تحل لهم ما يعترض لهم من عوائق تقف سراً منيعاً عن ما يقيدهم من جوانب أدبية وثقافية وعلمية.
والفئة الثانية من القراء تميل إلى الصحافة الإلكترونية يحكم سرعة تناول الأخيار الهامة والمواضيع السريعة في وقت قصير وعلى مدار اليوم وما يحدث على الساحة من أمور مستجدة.
وبين هاتين الطبقتين حراك وعراك كل يناصر وسيلة إعلامه ينادي بما تقدمه من مواضيع متعدِّدة ومتنوعة. وكل يبحث عن المميزات والخصائص المقيدة ومن خلال هذه الأمور انقسموا إلى قسمين وتشيعوا شيعاً فهذا مؤيد وهذا مفند وهذا كاسب وهذا خاسر.... وهكذا والخاسر الأكبر في هذه الطريقة من يبتعد عنه القراء فأحياناً تستغل شهوة الجمهور بالكتابة في النواحي المهمة والحساسة التي تلامس حياة الفرد فتقدم لهم ما يرغبون وما يشتهون وتعلمهم منها ما يجهلون وأحياناً يرتفع مستواها الإعلامي وتصل إلى حد الكتب في بحثها أو خير منها وتقدم لقرائها صور متنِّوعة وجذابة ودلائل وخرائط مبنية فتستهوي القراء وتجذبهم إلى مطالعتها ويجدون فيها من التعدد والتنوع من المقالات ما لا يجدونه في كتب أخرى وأحياناً ترقى إلى أكثر من ذلك.
فقد إتاحة التقنية الحديثة في المجال الإعلامي السريع قرص جميلة تحاول بقدر الإمكان من تغير مفهوم الكاتب إلى جانب من تطور أدواته الكتابية من كلمة يكتبها على ورقة إلى نص بروابط ومشاهد فيديو وصور ترقم على وسيط إلكتروني متطور تجاور الورقة إلى شاشة وجاءت مصطلحات جديدة تتأرجح بين النص الرقمي والنص الإلكتروني والنص الأدبي اليوم أصبح يعتمد على وسيط (الهايبر تكست) وتحول إلى نص ترابطي ينتقل بين فصوله غير روابط ثم معالجتها بواسطة برامج معينة وبدقة عاليه لإحداث نص رقمي حديث يختلف في طريقة قراءاته عن الطريقة التقليدية القائمة على تقنية حديثة تتبع كلمات النص
وهذا هو الواقع الذي يشكل تجدياً حقيقياً لنا للأمة. هل من المستحسن أن يظل القارئ الكريم أن يتلقى المواضيع الإخبارية والمقالات المتعدِّدة في الأدب المتعارف عليه بصورة التقليدية فقط.
أم هناك تجديد وتطوير لكافة المواد الإعلامية التي تخدم القارئ وتطور فكره وعقله وتغذيه بما يفيد.
وهل تستقيم الحال أن نغيب القراء عن هذا الواقع الذي يفرض نفسه تدريجياً ؟
فوسائل الإعلام المتطورة وخاصّة المقروءة والجادة حيث تعد الفرد لبناء أفراد الأمة ومن أهم أهداف الإعلام في هذه المرحلة بالذات خلق ثقافة نحوا استيعاب الواقع الجديد والعمل على صناعة جيل يجيد التعامل مع مستجدات التقنية الحديثة وما تفرزه من قيم وطرائق ومستجدات وتشجيع الممارسات التي تجعل هؤلاء القراء الذين يملكون الموهبة الإعلامية في الانخراط في الكتابة الرقمية وفي العصر الرقمي عموماً ومن ثم حري بتطبيقهم لهذه القواعد والأسس التي تسهم في بناء جيل واع بمعطيات هذا العالم الجديد فصروح الإعلام بشكل عام يجب أن تكون حاضنة تحاول تسهيل كافة السبل لهؤلاء القراء بمثابة فكر وفكرة تسعى إلى تطوير الصحافة وتجبر قارئ اليوم إلى لجنة العصر الرقمي عن طريق نظريات وأنشطة وممارسات متعدِّدة تستوعب هذه التقنية الحديثة بوعي وإدراك والقارئ الكريم يتأمل الكثير من الجهات المعنية اتباع سياسات ثقافية وعلمية وأدبية وصحية واجتماعية تستفيد من مستجدات العصر وتعمل على تهيئة البني التحتية بهذه الصروح الإعلامية للتعامل مع هذا المستجد.
ويحكم الصحافة الورقية والإلكترونية وما يلازمها من سلب وإيجاب إلا أنها تخفق ما يتقطر من معلومات إلى أفراد الأمة فهي إن صلحت غذاء للعقول البسيطة والمثقفة ثقافة واسعة غير عميقة فلا تكفي وحدها للعقول القوية والعقول التي تحترف هضم الأفكار والآراء حيث يتطلب منها دائماً أفكاراً جديدة وأفكار عميقة ويتطلب أن تلم الأمور من جميع النواحي وهي لا تجد ذلك إلا في الكتب وأخيرا يجب أن يظل الحراك والعراك قائم على التطوير وأن يكون النصر سجالاً وإلا ينتصر أحدهما انتصاراً يبيد الآخر.
فالواجب على كل الصروح الإعلامية على وجه الخصوص من صحافة ورقية وإلكترونية أن تنوع في المواضيع التي تلامس حياة القارئ الكريم وتحاول يقدر المستطاع التحسين والتطوير في كافة العوامل التي تساعد على الإخراج والإعداد من كافة جوانبه أسأل الله لي ولكم.
التوفيق للعمل النافع والعمل الصالح.
- الرياض