تداول المجتمع السعودي مقطعاً تشمئز له الأبدان وتتفطر له القلوب أسىً وحزناً. نعم إنه مقطع يوضح شاباً على سيارة جيب يدهس كلباً من خلال المرور عليه بإيطار السيارة أكثر من مرة. وملاحقته حتى عند محاولة هروب الكلب - أكرمك الله. أنا عني عند وصول المقطع إليَّ عبر تطبيق (الوتس اب) ويعلم الله أنني لم أستطع إكمال مشاهدة المقطع. فقد اكتفيت بالقراءة عنه والتعليق على ذلك المقطع المخيف. ذلك المقطع الذي أعتقد أن من قام به تجرد من كل معاني الرحمة وقبلها الإنسانية. بالأمس مقطع إحراق ذئب تم نشره ووصل لعدد كبير من شرائح المجتمع، واليوم مقطع لدهس كلب. إنها جرائم بحق الحيوانات لا يقبلها العقل والمنطق ولا حتى جميع الشرائع السماوية التي أنزلها الله عز وجل لبني البشر. لا أخفيكم أنني تابعت كل الصحف وبحثت عن حيثيات الموضوع عبر مواقع التواصل الاجتماعي للاستزادة عن الموضوع. إلى أن ساقني القدر لأقرأ خبراً مفاده أن وزارة الزراعة ممثلة بوكليها الأستاذ جابر الشهري الذي صرح أنه تم التعرف على مفتعل الجريمة بحق الحيوان وتحديد هويته والقبض عليه. الخبر يؤكد أن الجاني سيطبق بحقه عقوبة نظام الرفق بالحيوان الذي صدر عام 1434 هجري. وهو نظام موحد في دول الخليج العربي، وهي خطوة متقدمة تحدد من خلالها ماهية التعامل مع الحيوان. علماً أن العقوبة التي ستطبق على داهس الكلب من خلال القضاء ستكون السجن لمدة تتراوح ما بين شهر إلى خمس سنوات. هذا، بالإضافة إلى عقوبة مادية قد تصل إلى خمسمائة ألف ريال. وماذا عن تعاليم ديننا الحنيف الذي أمر وشدد على الرفق بالحيوان وجعل ذلك سبباً في دخول الجنة، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنْ الْعَطَشِ فَقَالَ الرَّجُلُ: «لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبَ مِنْ الْعَطَشِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ بَلَغَ بِي» فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا فَقَالَ نَعَمْ فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ). صححةلبخاري ومسلم. وفي حديث آخر في الصحيحين أيضاً عن أبي هريرة مرفوعاً: (بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به). من هذه الأحاديث يتبين أن الله تعالى غفر لهما بهذا الفعل الذي ينم عن الشفقة والرحمة التي هي سبب من أسباب رحمة الله تعالى لمن تخلق بها. أين رحمة الله عز وجل التي أوجدها في قلب المسلم الحق. أين أخلاق المسلم في مثل هذه المقاطع التي
يجب أن لا نفخر بها كمسلمين ولا نجعلها نبراساً ورمزاً لنا وعلامة وصفة لنا كمسلمين نفخر بها. الرحمة التي من خلالها وباستعمالها نكسب ود اللآخرين لندعوهم لاعتناق الإسلام وهي الرحمة التي هي اسم مشتق من الرحمن وهو اسم من أسماء الله عز وجل.
رسالة موجهة لوزارة الزراعة أتمنى أن تؤخذ بعين الاعتبار تكثيف الجولات التفقدية على محال الحيوانات سواء في محال بيع الحيوانات التي تقتنى في المنازل أو غيره للتوعية بأهمية الرفق بالحيوان الذي حث عليه ديننا الحنيف وقبله إنسانيتنا وفطرة الإنسان المسلم السليمة والفاضلة التي نشأنا وتربينا عليها منذ ولادتنا. وليتنا نعي قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال قَالَ: (يَقْتَصُّ الْخَلْقُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، حَتَّى الْجَمَّاءُ التي بدون قرون مِنْ الْقَرْنَاءِ وَحَتَّى الذَّرَّةُ مِنْ الذَّرَّةِ) رواه أحمد.
- إعلامي محاضر لغة إنجليزية في الكلية التقنية بالرياض