تعد قضايا المرأة السعودية متصدرة في الجدل على الساحة الإعلامية، وذلك بالمطالبة بحقوقها التي تراها مشروعة لها كما شُرعت للرجال، وهذه المطالب مع مجتمع عُرف بتحفظه على المرأة بعادات وتقاليد ورثها من الآباء والأجداد، وبرؤية مفهومية للدين تغلب على هذا المجتمع من وجوب قرار المرأة في بيتها، تعد أمام تحدٍ كبير، وليس هذا بالأمر الهين.
يجب أن نقف مع أنفسنا حول هذه المطالب التي تنادي بها المرأة السعودية، فلو تأملناها بعين البصيرة والعقل لوجدناها مطالب لاتعدو أن تكون من قبيل الحق للفرد -بغض النظر عن جنسه- وهي تكون في دائرة التخيير، فمن شاء فعله ومن شاء تركه.
المشكلة أن هذه الحقوق التي تطالب بها المرأة السعودية هي ضمن هذه الدائرة الواسعة، وهي دائرة التخيير، فكون الفرد يُمنع عن حق له مشروع هذا مايسبب ردات فعل تكون سلبية، وخصوصًا في الفترة الأخيرة انتقلت هذه المطالب من كونها مطالب قولية إلى فعلية، وبدأت بعض النساء بمحاولة خرق النظم لاعتبارها أن هذا حق لها مشروع.
المنع القائم من الحقوق الفردية للمرأة من جهتين:
1 - المفهوم الديني للمرأة بوجوب القرار في البيت... وتكمن في هذا إشكالية كبرى وهي سلب الخلاف الفقهي حقه، وبما أننا نتحدث عن المرأة فلايجوز شرعًا الإنكار على المخالف في خلاف معتبر، ومن ذلك كمثال فقط كشف الوجه، وقد قال ابن مفلح الحنبلي -وهو من أشهر تلاميذ ابن تيمية- : فأما على أقوالنا وقول جماعة من الشافعية وغيرهم أن النظر إلى الأجنبية جائز من غير شهوة ولا خلوة فلا ينبغي أن يسوغ الإنكار.اهـ فهاهو يحكي قول الحنابلة والشافعية بالجواز، وأتبعه بأنه لايسوغ الإنكار على المرأة إذا كشفت وجهها، إذ المسائل الخلافية هي حق للمجتهد والمقلد، ولايصح حصر الناس على قول فقهي واحد؛ لأنه يسبب الحرج الشديد على الناس.
2 - العادات والتقاليد وهذه أمرها هين لين في زماننا هذا، زمن التقدم الحضاري المتسارع، والذي لايجري مع الزمن سيدهسه زمانه، ويتجاوزه، وهو حي فيه، فحركة المجتمع تسير مع هذا الدفع الحضاري مع الزمن، وكي لانتشعب لأن حديثنا محصور، يمكن معالجته بقانون يسمح بمخالفة هذه التقاليد إذا كانت تخالف الشرع والمعقول، واليوم عامة الحقوق النسوية هي من فرض الزمن، وهذه التقاليد إذا كانت مخالفة للشرع والمعقول ستذوب وتنصهر فور سماح الجهات المختصة بالعمل على خلافها، والتاريخ السعودي مع المرأة خير شاهد على هذا، وأبسط مثال: تعليم النساء في المدارس الحكومية، وقد كانت آنذاك تصدر فتاوى بالتحريم، وربما تضرر المطالب بتعليم النساء في المدارس، وفور السماح لهن بهذا، اختفت فتاوى التحريم والتقاليد أيضا.
المرأة الخليجية تمارس كافة حقوقها، ومازالت المرأة السعودية معلقة بين نظائرها من الخليجيات، ويجب علينا أن نتذكر أن في عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين قد فتح الشيء الكثير للنساء، ففي عهد خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ظهر بريق الحضارة والمعرفة للمملكة العربية السعودية، وهذا مايجعلنا نأمل بالمزيد من القرارات التي يكون فيها منفعة للدولة وشعبها.