الدمام - عبير الزهراني:
كشف مدير صندوق التنمية الصناعية بأنهم يواجهون تحديًا فيما يتعلق بتمويل مشروعات الصناعات المرتبطة بالنفط والغاز وقال علي العايد لـ«الجزيرة»: لعل من أبرز هذه التحديات ما يتعلق بالتأثيرات السلبية لانخفاض أسعار النفط بصورة كبيرة. فعلى سبيل المثال، يؤدي تدهور أسعار النفط إلى استفادة منتجي البتروكيماويات الذين يعتمدون على مدخلات تكرير النفط في بعض الدول واستغلال الفرصة لزيادة مستويات إنتاجهم من البتروكيماويات وبالتالي زيادة حدة المنافسة في الأسواق العالمية.
كما سيؤدي التوسع في إنتاج النفط والغاز الصخري إلى تشجيع الاستثمار في البتروكيماويات كنتيجة لوفرة المعروض من الغاز وانخفاض أسعاره، وستضاعف هذه التطورات حدة المنافسة في الأسواق الدولية.
وعلى الصعيد المحلي، يشهد الاقتصاد زيادة مطردة في استهلاك المشتقات النفطية والغاز الطبيعي خاصة في مجالي الكهرباء والمياه. ولا شك أن استمرار ذلك سيؤدي إلى تقليل المعروض المخصص لمنتجي الصناعات المرتبطة بالنفط والغاز. وقال العايد: هناك أيضًا تحديًا يتعلق بتمويل هذه المشروعات فهي عالية التكاليف ويتأثر قرار الاستثمار فيها بصورة قوية بالتقلبات الاقتصادية وتوقعات النمو وخصوصًا على صعيد الاقتصاد العالمي وذلك بسبب الطبيعة التصديرية لهذه الصناعات.
وتتزايد التحديات بشكل واضح حين يحصل ركود أو انكماش اقتصادي في أسواق الدول المستوردة للصناعات المرتبطة بالنفط والغاز، حيث تتبنى بعض هذه الدول على إثر هذا الانكماش سياسات تجارية معينة لحماية منتجيها المحليين، وقد عانت صادرات البتروكيماويات السعودية مرارًا من قضايا إغراق مجحفة في عدة دول في الأعوام الماضية.
وأضاف العايد: هناك أيضًا تحد آخر وهو محدودية أنشطة البحوث والتطوير للصناعات المرتبطة بالنفط، إذ لا شك أن اعتماد الصناعات السعودية المرتبطة بالنفط على ميزة الأسعار الرخيصة للمدخلات بصورة أساسية سيؤدي تدريجيا إلى تآكل هذه الميزة نظرًا لتزايد تنافسية بعض المنتجين الدوليين بفضل اعتمادهم على البحوث والتطوير.
وعلى الرغم من أن هناك جهودًا فعلية في المملكة للاستثمار في أنشطة البحوث والتطوير في مجال الصناعات المرتبطة بالنفط مثل البتروكيماويات، إلا أن مؤشر التنافسية العالمية يظهر أن ترتيب المملكة في جودة مراكز البحوث العلمية ومدى الإنفاق على البحوث والتطوير لا يزال دون طموحات وقدرات الاقتصاد السعودي.
يضاف إلى ذلك قلة الكفاءات الوطنية المتخصصة في المجالات الصناعية وانخفاض عدد براءات الاختراع ذات الفائدة المباشرة للصناعة ككل وللصناعات المرتبطة بالنفط بشكل خاص.
وحول حجم القروض أكد العايد أن معظمها تركز في السنوات الأولى من بدء نشاط الصندوق على قطاعي مواد البناء والإسمنت مواكبة للنهضة العمرانية التي عمت البلاد في ذلك الوقت. بيد أن هذا التركيز قد تحول في السنوات اللاحقة لقطاعات المنتجات الكيميائية والهندسية الاستهلاكية وقال: إن الصندوق اتجه في السنوات الأخيرة إلى تمويل مشروعات أعلى تقنية وأكثر تعقيدًا بعد اكتمال معظم مشروعات البنية التحتية.
فقد حاز قطاعا مواد البناء والإسمنت على 54 في المئة من قيمة قروض الصندوق خلال السنوات الخمس الأولى من نشاطه الإقراضي، بينما انخفضت هذه النسبة إلى 20 في المئة بنهاية 2014.
وفي المقابل ارتفع نصيب قطاع المنتجات الكيميائية من 12 في المئة من قيمة القروض خلال السنوات الخمس الأولى من عمر الصندوق ليصل إلى 39 في المئة من إجمالي قيمة قروض الصندوق بنهاية 2014.
كما ارتفع نصيب قطاع المنتجات الهندسية من 17 في المئة من قيمة القروض خلال السنوات الخمس الأولى حتى وصل إلى 20 في المئة. أما نصيب قطاع المنتجات الاستهلاكية فقد ارتفع من 15 في المئة من قيمة القروض خلال السنوات الخمس الأولى حتى بلغ 17 في المئة. وبالتالي يتضح أن أكثر القطاعات الصناعية نموا هو قطاع الصناعات الكيميائية، تليه الصناعات الهندسية، ثم الصناعات الاستهلاكية.
وأشار العايد إلى أن الاستثمار الصناعي يتمركز في أربع مناطق إدارية وهي الشرقية ومناطق مكة المكرمة والرياض والمدينة المنورة.
وقد كان لهذا التركز ما يبرره إذ جاء نتيجة لتوفر الميزات النسبية الواضحة في تلك المناطق ومنها: توفر الغاز في مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، والأسواق الكبيرة في كل من الرياض وجدة والدمام، بالإضافة إلى المدن الصناعية المطورة في تلك المناطق.
وقد جاء هذا التركز في حينه متوافقًا مع الاعتبارات الاقتصادية مثل وفرة مدخلات وعناصر الإنتاج، والقرب من المؤسسات الحكومية، وكذلك القرب من الموانئ وأسواق الاستهلاك.
كما كان لهذا الوضع ما يبرره في الماضي حيث كانت المملكة في أولى مراحل التنمية الصناعية.
وعن دور الصندوق في دعم المشروعات الصناعية الصغيرة قال: حظيت هذه المشروعات باهتمام الصندوق من خلال تسهيل إجراءات دراسة طلبات القروض المقدمة من أصحاب هذه المنشآت.
ورغبة في خدمة أفضل للمستثمرين في هذه الفئة من المشروعات، فقد تم استحداث قسم خاص بإدارة الائتمان في الصندوق بهدف التركيز على تقييم طلبات قروض المشروعات الصناعية الصغيرة.
ومن الأهداف الرئيسة للقسم التركيز على تسهيل وسرعة إنهاء إجراءات تقييم طلبات القروض وذلك باستخدام قاعدة المعلومات الموجودة لدى الصندوق وتكثيف الاجتماع مع صاحب الطلب لرفع مستوى المعرفة والوعي الصناعي إذا لزم الأمر ولتقصير فترة تقييم الطلب.