من أعماق قلوبنا ننقل لرمزنا وقائدنا الوطني خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- الذي يمثل بحق «حكيم العرب» خالص التهنئة، نظراً لدوره الكبير في دعم الشعوب العربية والعمل على وحدة الأمة العربية وعدم تشتتها، في استطلاع الرأي الذي أجرته منظمة الشعوب والبرلمانات العربية.
سيدي خادم الحرمين الشريفين
تحية ولاء وإجلال وتقدير بمناسبة حصولكم -ألبسكم الله لباس الصحة والعافية- لقب «حكيم العرب» نظير دوركم الرائد في دعم الشعوب العربية وعملكم على وحدة الأمة العربية وعدم تشتتها.. وبعد:
فإن الرجال مواقف، والتاريخ حصاد تلك المواقف، إن خيراً أو شراً، وأنت يا سيدي رمز مشرق للموقف الذي يصنع التاريخ، ويلهب صانعيه الهيبة والنبوغ والعطاء.
كل يوم جديد تقف متطلعاً إلى آفاق الأمة العربية والإسلامية، تستلهم الحب، وتمد إلى الحياة جسوراً من الطموحات والآمال والتصالح. نقطف من شرفات حكمتك معاني السمو والألق، ونزرع من خلالها رياضاً من التواصل والحب نرويه باعتزازنا وفخرنا وولائنا لوطن هو وطنك وقبلة الدنيا، وزهو الشموخ، فتزداد مساحات عشقنا، واخضرارنا مع ابتسامات الفجر، وهنيهات المساء.
سيدي خادم الحرمين الشريفين
لقد نزل الخبر السار ذاك الذي احتل الصفحة الأولى في صحيفتنا الجزيرة الموقرة في عددها رقم 15435 ليوم الخميس 10 ربيع الأول 1436هـ الموافق 1 يناير 2015م كشاهد على رؤاك الصائبة وحكمتك المعهودة التي ترجمتها إلى مواقف سديدة في تأصيل ملحمة التكاتف والتعاضد والترادف، حيث تتلألأ الكلمات في عيوننا، والفرحة في ضمائرنا، وتشرق فينا معاني الحياة، فصفة الحكمة في مجريات الأحداث والأزمات هي الاحتفاء بالشمس، فقد سموت شامخاً عن أديم الأرض إلى مدارات الزهو والفضاء، واغتسلت بماء كرامة السماء، وتجاوز حدود الأشياء.
سيدي خادم الحرمين الشريفين
ندرك أن ذاكرتنا مهما كانت منسجمة مع حكمتك، ستظل عاجزة عن استرجاع آخر مساحات ألقك -فضلاً عن كله أو جله- المنسكبة من جبينك إلى النفوس والعقول والأمكنة.
لقد قدت مسار الحوار العربي قبل أن تعصف الأهواء والأدواء بأشرعة إنسانه، فتمزق بعضها وتغرق بعضها الآخر في بحر عميق من عدم الثقة وتلقي بظلال قاتمة من التردد والحيرة والحذر على كل خطوة نحو التئام جرحه. وما أكثر الرياح التي هبت على صدر هذه الأمة وحركَّت بمناسبة وبلا مناسبة هذه الكسور ونكأت الجروح الكبيرة والصغيرة.. ومع هذا وذاك ظلت رغبتك في الصدق وحسن القصد والنوايا هي المطلب الأقوى الذي وضع أساساً سليماً وكريماً للمستقبل حفاظاً على الأجيال القادمة.
سيدي خادم الحرمين الشريفين
لقد نظرت بعقلك وحكمتك وأمانتك وهدوئك واتزانك في مستقبل العالم العربي والإسلامي والتحديات التي تواجهه في ضوء المتغيرات الكثيرة والسريعة التي شهدها العالم ورسمت شكله الجديد، التي تسمَّرت أنظار العالم على المملكة العربية السعودية، ترقب وتترقب كيف يتعامل سيدها (عبدالله بن عبدالعزيز) مع هذه التحديات على سبيل المثال لا الحصر، تحديات سياسية واستراتيجية وعسكرية وأمنية وأخرى تتعلق بقضايا اجتماعية طارئة على مجتمعاتنا مثل العنف والإرهاب، وأخرى اقتصادية وتنموية في ضور الواقع القادم لشكل علاقات دول المنطقة في ضوء مراحل وخطوات السلام العربية الإسرائيلية.
سيدي خادم الحرمين الشريفين
الحياة بفجرها وصباحها هي البدايات والغرس والأمل ودروب الحق والخير والحب والجلال والجمال، إن ما يفرح مواطنيك أنه لا يمكن أن يمضي على وطنك الرؤوم (المملكة العربية السعودية) يوم دون أن تجسد -يحفظكم الله ويرعاكم- فكر والدكم ووالد الجميع مؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- في مبادرة أو خطوة أو عمل؛ وكأن هذا القائد الذي فقده شعبه منذ ثلاثة وستين عاماً عندما انتقل إلى جوار ربه ما يزال حياً يواصل أداء رسالته المبنية على الإيمان الصادق والخلق الرفيع والنظرة الثابتة والحب الذي لا حدود له ولوطنه وأهله وأبناء الأمة العربية والإسلامية. فغدت أقواله -طيب الله ثراه- تطبيقاً وفعلاً على الواقع!: «إني على استعداد لأن أكون أنا وأسرتي كجندي بسيط، أجاهد في سبيل العرب، وتوحيد كلمة العرب، وتأسيس الوحدة بين العرب. ولست أريد من وراء ذلك جزاءً ولا شكوراً»، وقال: «إنني أفخر بكل من يخدم الإسلام ويخدم المسلمين، وأعتز بهم، بل أخدمهم، وأساعدهم، وأؤيدهم. وإنني أمقت كل من يحاول الدس على الدين، وعلى المسلمين، ولو كان من أسمى الناس مقاماً وأعلاهم مكانة». وقال أيضاً: «العرب اليوم، هم كالطفل الصغير يحتاجون إلى عناية شديدة. فمن الواجب على، الذي يتولى أمرهم أن ينصحهم ويرشدهم، إلى طريق الصواب».
سيدي خادم الحرمين الشريفين
لقد قلت قول الحق يا سيدي -أيدك الله وسددك- في مناسبة عيد الفطر المبارك عام 1402 هـ: «لن نكَلَّ أو نملّ أو نيأس من الدعوة إلى التضامن والعمل له بل سنعمل دائماً على التضامن بين العرب وليست ثمة وسيلة للأمل إلا العمل.. ولا سبيل أمامنا للصمود في معركة الوجود الكبرى إلا بتضامننا كعرب ووحدتنا كأمة مسلمة.. لقد آن لنا أن نعلم أنه باتحاد كلمتنا لن تستقيم أمامنا عقبة، ولن تبقى مظلمة، فالاتحاد سبيلنا إلى القوة في عالم لا يعترف بغير الأقوياء، لقد أدركت المملكة ذلك فاتخذت منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه- من التضامن بين العرب، والتكاتف بين المسلمين محوراً لسياستها، ليقينها بأنَّ أعداء الأمة العربية والإسلامية ضعفاء أمام اتحادنا، أقوياء حين انقسامنا، ولكن مما يجعلنا نطمئن إلى المستقبل أن ما نراه من خلافات بين العرب هي خلافات بين أشخاص، وليست خلافات بين شعوب».
وقلت أيضاً بمناسبة تشكيل مجلس الشورى لدورته الخامسة عام 1432هـ: «إنَّ الوحدة الإسلامية ليست هدفاً مستحيلاً ولا أمنية خيالية بل مطلب مشروع.. قادرون بمشيئة الله أن نحوله إلى حقيقة ملموسة إذا استطعنا أن نغلب مصلحة الكل على مصلحة الجزء، وسعينا جميعاً لتكون كلمة الله -عز وجل- لا كلمة كل منا بمفرده هي العليا وليس ذلك على همم المؤمنين المخلصين بعزيز». ذلك أن الوحدة والتضامن من خلال قنوات التشاور والتفاكر المفتوح بين جميع الدول العربية والإسلامية على كل المستويات وفي كل الأوقات تمنح القوة والهيبة والقدرة على التصدي للأخطار والمهددات.
ولقد أدركت ذلك يا سيدي منذ زمن بعيد، بحكمك الثاقب، وحكمتك الخبيرة بشؤون الأمة العربية والإسلامية والحياة، وهو أمر يحمده لك أبناء الأمة العربية والإسلامية، ويستشرفون من خلاله الكثير من معطيات العقل والضمير وأصالة العقل، مثلما هي أصالة الروح التي تتجاوز كل حالات الإحباط أو التخاذل وكل حالات التطرف والفوضى وكل أشكال النعرات والتحريش وإشعال الفتن والتعصبات الضيقة وكل حالات الأنانية والنرجسية والتعالي، وأنت بهذا كله يا سيدي تثبت لنا، وللعالم، وللتاريخ، أنك في كل المواقف رجل المواقف التي لا تخذل صاحبها!
حفظك الله يا سيدي، وأيدك بنصر من عنده، ووفقك لصالح الأعمال وأعظمها، وأعانك على أداء مسؤولياتك الجليلة، ومنحك الخير والصلاح والرفعة، وشد أزرك بولي عهدك البار، وولي ولي عهدك. وبأعوانك الصادقين المخلصين، وجعل وطننا وأمتنا العربية والإسلامية ترفل بثوب الأمن والاستقرار والسلام. إنه نعم المولى.. ونعم النصير.. وهو على كل شيء قادر وقدير.
- وادي الدواسر