تونس - فرح التومي - الجزيرة:
تختلف احتفالات هذا العام عن احتفالات السنوات الماضية؛ إذ حضرت مظاهر الزينة محتشمة بشوارع العاصمة تونس التي غرقت في سيول من البشر المترجلين من جراء إضراب عام مفاجئ لحافلات النقل العمومي منذ أمس الأول، لأسباب قالت عنها نقابة النقل العمومي إنها تعود إلى رفض وزارة النقل الاستجابة لمطالب العمال المهنية. وأصدرت رئاسة الجمهورية بلاغاً أعلنت من خلاله تنظيمها موكباً رسمياً بالقصر الرئاسي صباح اليوم، يحضره رئيس الحكومة المؤقتة المهدي جمعة ورئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، إلى جانب أعضاء الحكومة وأعضاء السلك الدبلوماسي، فيما مُنع المصورون الصحفيون من المشاركة في هذا الاحتفال الرسمي جدًّا. ولا تزال أخبار الخلافات العميقة في حركة نداء تونس الفائزة بالانتخابات التشريعية والرئاسية تشد اهتمام الرأي العام، خاصة بعد تداول أنباء عن قرار المكتب التنفيذي المؤقت للحركة طرد القياديَّيْن خميس قسيلة ومنذر بلحاج علي من الحزب؛ وذلك على خلفية تصريحاتهما التلفزيونية، التي مفادها انفراد مستشاري الرئيس الباجي قائد السبسي بالرأي، وتحكمهم في قرارات القصر الرئاسي. سياسياً، بدأت ملامح الحكومة الجديدة التي دُعي الحبيب الصيد إلى تشكيلها تتضح أكثر فأكثر؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأنه من المنتظر ألا تتجاوز حقائبها 53 وزيراً، بعد أن تأكد تخلي الأطراف السياسية عن فكرة إحداث أقطاب وزارية (قطب أمني وقطب اقتصادي وقطب اجتماعي).
وقالت المصادر ذاتها إنه بات من الصعب التسليم بالإبقاء على وزراء من حكومة المهدي جمعة المستقلة. وأفاد الأمين العام لحزب العمل الوطني الديمقراطي عبد الرزاق الهمامي بأن أولويات الحكومة حسب المشاورات الأولى تتلخص أساساً في تدعيم المنظومات الأمنية والعسكرية والقضائية، إضافة إلى الإصلاحات الإدارية والاجتماعية العاجلة، مرجحاً أن يكون للأمين العام لحزب نداء تونس الطيب البكوش مرتبة متقدمة في الحكومة القادمة، في إشارة منه إلى تسريبات عن إمكانية تعيينه نائباً لرئيس الحكومة. وأشار حليف نداء تونس خلال الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية إلى أن رئيس الحكومة شارف على الانتهاء من المرحلة الأولى التي انطلق خلالها في التشاور مع الأحزاب السياسية في البلاد ومع المنظمات الكبرى المعنية بهذا الشأن، وتوصل إلى جملة من الأولويات التي من المنتظر تطبيقها في المرحلة المقبلة، كما تعرف إلى جملة من الاعتراضات التي تم تقـديمها في خصوص عدد مـن الأسماء المقترحة. أما المرحلة الثانية التي قد تبدأ في الأيام القليلة القادمة - حسب المتحدث - فهي مرحلة تعيين الشخصيات التي ستتحمل المسؤوليات، وطريقة التحرك على المستوى العملي، معتبراً أن الاختلاف بين هذه الحكومة والتي تسبقها يكمن أساساً في الطابع السياسي؛ ذلك أن حكومة الحبيب الصيد سياسية بامتياز رغم استقلاليته. أما فيما يتعلق بمطلب النهضة بتحييد وزارات السيادة فقال عبد الرزاق الهمامي إن الحركة انفردت بهذا المطلب؛ إذ لم يطرح أي طرف سياسي آخر هذا المقترح، معتبراً أنه «لا مبرر للتحييد؛ لأن هناك فروقاً جوهرية بين المرحلة الماضية والحالية.. فالبلاد كانت في وضع انتقالي محفوف بالمخاطر، أما الآن فقد دخل التونسيون مرحلة الاستقرار؛ لذلك لا معنى لهذا المطلب». وشدد الهمامي على أن مشاركة النهضة في الحكومة ليست حتمية رغم سعيها المتواصل إلى ذلك، فكثير من الأطراف السياسية حتى من داخل حزب الأغلبية ترفض مشاركة هذا الحزب، نظراً لظروف موضوعية عديدة، في مقدمتها فشل الترويكا في تحقيق مطالب الناخبين.