نتج عن كثرة المصطلحات والمفردات والمتطلبات التعليمية والتربوية العديد من الإدارات التعليمية والتربوية والإدارية، ويشغلها في الغالب من هرب من الميدان التربوي.
لم تنفع الميدان مقارنة بحجمها وكثرتها وتعددها وتداخل مهامها.
وبسبب ذلك تجد الميدان التربوي غارقاً بإملاء هذه الإدارات التي يمكن اختصارها بمهام لا إدارات؛ بمشروعات لا إدارات.
صدق البعض كثرة المصطلحات ليبني لكل مجموعة كياناً إدارياً؛ ينهي ويأمر المعلم والطالب؛ بلا قصد السبيل وأحياناً بلا إنسانية.
واجبات ومهام منزلية؛ مشاريع؛ بحوث؛ تقارير؛ ملف أعمال؛ أسئلة وفراغات داخل كتاب الطالب؛ أسئلة ونشاطات في كتب نشاط المقررات؛ اختبارات عملية؛ اختبارات تحريرية؛ شهرية ونهائية ونصفية.
كل هذه تقابل -ملف الأعمال- وخلاصة ملف الأعمال في المفهوم لدى المعلم والمتلقي ومن ابتكر المسمى هو إنجاز الطالب؛ أياً كان.
كل متطلب له درجات؛ ودرجة الثلاثي -البحوث أو التقارير أو المشاريع- مناوبة؛ يطلب أحدها من الطلاب منفردين أو مجتمعين؛ في فترة واحدة؛ بمعنى لا يجتمع بحث وتقرير ومشروع في فترة واحدة؛ أحدها يكفي.
وأمام كل طالب أربع عشرة مادة دراسية؛ والمعلم أمامه عشرات الطلاب؛ كلهم تحت مسؤوليته.
وكل هذه في واد ومتطلبات مقرر المهارات التطبيقية في واد آخر.
الغريب نص لائحة التقويم في النظام الثانوي الفصلي؛ بأن الواجبات لا تعد من ملف الأعمال؛ بينما تم توزيع الإنجاز تحت مفردات ومصطلحات محددة؛ بمعنى إذا كان الإنجاز مفصلاً ببحوث ومشاريع ومشاركة وخلافها؛ فما هو ملف الأعمال وكيف نصنعه وما هو تكوينه ومفرداته وما هو محتواه؟!
هل الملف هو تجميع هذه الأشياء؟! وكيف تجمع؟! هل نضع كتاب المقرر ضمن الملف؛ أم نمزق أوراقه؛ ليتحول لملف أعمال؛ أم أن ما يدونه الطالب في كتاب المقرر وكتاب النشاط للمقرر ليس عملاً ولا إنجازاً؟!
وهل يلزم المعلم بأوراق عمل أخرى إضافية؛ وما موقع دفتر الواجبات؟!
هذه الحيرة والكم الهائل من المتطلبات يستحيل القيام بها؛ علاوة على ما يفرضه الوقت المتاح والزمن المحدد وغير المحدد؛ وحتى لو امتد اليوم الدراسي للمساء؛ فلا يمكن القيام بكل هذه المطالب.
لا يتوفر في غرف المعلمين آلات لتصور أوراق العمل؛ وإن قدمها المعلم وكلف الطلاب بها؛ أو دفع تكلفتها من جيبه أو من ميزانية المدرسة؛ فالتالي أنه سيترك أو يتخلى عن جزء من المطلوب في كتب المقررات وكتب النشاط أو يتركها كلها؛ ولن يستطيع والحال كما ذكرت استخدام إستراتيجيات تعليمية غير التعاوني؛ واستراتيجية النسخ واللصق.
بعض المشرفين يقول يكفي كتاب المعلم عن تحضير المقرر؛ وبعضهم يسأل عن إنجاز المعلم؛ وأين أوراقك واستعداداتك وخططك؟!
المفردات والمصطلحات التربوية كثيرة جدا؛ وبما كفل وجود العديد من الإدارات التعليمية؛ وبما يعارض بعضها بعضاً؛ وبما ضيع المتداخلات في عالم المدارس وبين مكاتب التربية والتعليم؛ ووزارة التربية والتعليم.
الكل يصب في تدبير هذا الميدان؛ والكل يتعاون لمزيد من المتطلبات؛ ولكن لا أحد يسأل عن عنصر الزمن والطاقة الممكنة والإمكانات المتوفرة؛ وتشعب المتطلبات وحرية المعلم معها؛ حينما يكون جاداً في تحديد إستراتيجية درسه.
مشرف من المشرفين؛ طلب أن تكون استراتيجية الدرس متعددة؛ بمعنى تحديد أكثر من واحدة في التحضير؛ وهذا يدلل على ضعف فهمه؛ فتحديد الاستراتيجية؛ يفرض وجود أكثر من واحدة بشكل طبيعي؛ ولا يلزم تحديدها؛ لأنه لا يمكن القيام بالتعاوني بلا حوار يقوم به الطلاب مع بعضهم؛ وبالتالي تعاون المعلم معهم في الحوار؛ لأنه طرف في التعاوني؛ وأيضاً الجميع سيفكر فيما يكتب ويقول؛ ولكن الاستراتيجية العامة؛ التعلم التعاوني؛ وبكل تأكيد سيكون العصف الذهني حاضراً.
كل من جرب التدريس يدرك تماماً؛ بأن كثرة المتطلبات تضييع لمهمة الوصول للهدف؛ وتشتيت لذهن الطالب عن الأهداف الرئيسية؛ والتأثير على الأهداف العامة والضمنية.
ضبط المتطلبات ومنح المعلم حرية التقييم والتقويم وفق إنجاز الطالب؛ يعني ضرورة توضيح المطلوب من المعلم ومن الطالب؛ بحيث تحدد خطط كل مقرر بشكل يمنع اللبس؛ وبما يضمن القيام بها على أكمل وجه؛ وبما يمنع كثرة المتطلبات؛ والتي لا تناسب الوقت والطاقة المتاحة جسدياً وذهنياً.
أقترح إعادة النظر في المتطلبات؛ ولكن بما يمكن الطلاب لاختيار أحدها.
فأولاً: -ملف الأعمال- توزع درجاته على الأنشطة الأخرى وتحدد الأنشطة الصفية وغير الصفية؛ لأن كل مجهود يعتبر إنجازاً للطالب؛ وملف الأعمال هو الإنجاز بشكل عام.
ثانياً: توزيع الأنشطة لتكون موزعة على مهام متعددة؛ كتابة وقراءة وصناعة ورسماً ونحو ذلك.
ثالثاً: توفير موقع أو برنامج يحدد وقت وزمن كل متطلب؛ بحيث يمنع البرنامج تكليف الطالب والمعلم فوق طاقته؛ سواء كان المتطلب في المنزل أو في مكان الدرس.
وأقول مكان الدرس؛ لأنه لا يخطط أو لا يحدد المعلم مكان درسه في كل حصة؛ ويكون مزاجياً أو جبرياً؛ والواجب تغيير المكان كل حصة حسب المصلحة التعليمية والتربوية؛ مع ضمان توضيح ذلك في جدول كل طالب بشكل أسبوعي؛ من خلال موقع إلكتروني؛ يرشد الطالب قبل بداية الأسبوع؛ وبما يساعد المعلم والطالب على رسم الخطط آلياً.
رابعاً: ربط الجميع بهذا الموقع؛ مديري المدارس والوكلاء والمرشدين والمشرفين ومديري التعليم؛ حتى نصل للوزير.
خامساً: استبعاد فكرة رصد الدرجات نهائيا؛ والاستعانة بأدوات تضمن استخدام آليات -نفذ ولم ينفذ-؛ وأدوات اختبارات كما لدى القياس؛ وتدبير طريقة تقييم للاختبارات المقالية؛ مع تحديد الزمن وفرصته الثانية والثالثة والأخيرة؛ ورصد تفوق الطالب وإخفاقه؛ وترحيل ذلك للصفوف التالية؛ ليطلع عليها المعلم الجديد ويبني عليها؛ بدلاً من البحث والتعرف وتضييع وقت المعلم بسببهما؛ ثم يكون من خلال الموقع تحريك كل من في المدرسة وكل إدارات التعليم؛ ليقولوا للمعلم: شبيك لبيك بين يديك.
هناك تتحقق ملكية المعلم ويعمل بجد واجتهاد وجودة.