لقد جمعني مناسبة عشاء ببعض المشايخ والفضلاء من أصحاب المنهج السلفي في محافظة البكيرية في منزل العم الفاضل، والأديب البارع، والشاعر المعروف، والقاضي بوزارة العدل سابقاً فضيلة الشيخ صالح بن سليمان السلطان النجيدي- وفقه الله تعالى -، ومن الطبيعي جداً عندما يحدث في الساحة خبر جديد مما يهم عامة الناس وخاصتهم؛ فإنهم يتحدثون به في مجالسهم واجتماعاتهم، وكان محور الحديث في ذلك المجلس النبأ السار بصدور الأمر السامي الكريم بتاريخ 16-2-1436هـ، والذي ينص على تعيين (ابن العم) معالي الوزير الشيخ العلامة سليمان بن عبدالله بن حمود أبا الخيل - وفقه الله تعالى، وسدده، وأعانه- وزيراً للشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، فالكل - ولله الحمد والمنّة - أخذ يثني على معالي الوزير الشيخ العلامة (سليمان)، وعلى إنجازاته العلمية والعملية في شتى الفنون والمجالات، وقلت في وقتها صدق القوم في حديثهم، وذلك لما أعرفه عن معالي الوزير الشيخ العلامة (سليمان) من الخصال الحميدة، والصفات الجميلة التي يصعب حصرها، ويشق الإلمام بها، مما أهله لمناصب عليا في دولتنا المباركة، والتي كان أخِيْرُها وليس بآخرِها - بإذن الله تعالى - تعيينه وزيراً للشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد.
جلست مع نفسي أسبح وأغوص في بحر الذكريات الممتعة مع شيخنا الوقور (سليمان) عندما تشرفنا بالدراسة عليه في السنة الأولى قبل عقدين من الزمن في كتاب «حاشية الروض المربع شرح زاد المستقنع» في كلية الشريعة وأصول الدين بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالقصيم، فكان - وفقه الله تعالى - واحة فواحة وعلماً مضيئاً في ميادين الفقه المقارن، والعقيدة السلفية، والسنة النبوية، والسلوك المنضبط الرفيع، فهو بحق عالم من علماء السلف، وَعَلم من أعلام الدعوة إلى الخير والصلاح، وموسوعة إسلامية كبيرة استفدت منها أنا وزملائي طلاب العلم والمعرفة، ولعل من أبرز المعالم والأوصاف التي لمسناها في شيخنا الشيخ العلامة معالي الوزير (سليمان) ما يلي:
(1) صدق ولائه وإخلاصه في خدمة دينه، ثم مليكه ووطنه.
(2) محاربته للأفكار الهدّامة والكشف عن أصحابها، والتحذير منهم وفضح خططهم الخفية.
(3) رجاحة عقله، وسعة أفقه، والنظر إلى الأمور بنظرة دقيقة صائبة.
(4) نشاطه الملموس في الدعوة إلى الله تعالى في الداخل والخارج، على منهج السلف الصالح.
(5) كثرة التأليف والتحقيق في مختلف الفنون العلمية المفيدة.
(6) ضبطه للوقت واستثماره بما ينفع في الحاضر والمستقبل.
(7) تواضعه الجم، وابتسامته الصادقة، وبساطته مع الآخرين.
(8) اهتمامه منذ صغر سنه بدراسة العلوم الشرعية، واللغة العربية؛ والتي ساعدت على صقل مواهبه.
(9) جلده في طلب العلم، ومحبته للعلماء الراسخين؛ الأمر الذي ساعده على التفوق على أقرانه.
(10) الجدية في العمل، ووضع الخطط المحكمة والمدروسة؛ بحثاً عن الإبداع والتجديد.
ولعل ما حصل من تطوير وتجديد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في عهده أكبر شاهد على ذلك، حيث نقلها نقلة كبرى لم يسبق لها مثيل في تاريخ الجامعة المباركة، فجزى الله شيخنا العلامة (سليمان) خير الجزاء، ونحن متفائلون - بإذن الله تعالى - بشيخنا الموقر (سليمان)، وبتجديداته التي سترى النور قريباً - إن شاء الله تعالى - في وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ولا عجب في ذلك، فقد ساعده على ذلك نشأته الحسنة على الصلاح، وحب الخير في بيت علم ودين، في أسرة اشتُهر عنها الجد والاجتهاد والنشاط، فوالده الشيخ العم (عبدالله) - وفقه الله تعالى - تربوي بارز، وجده الشيخ العم (حمود) - رحمه الله تعالى - صاحب الباب المفتوح، والكرم الأصيل المعروف، وعمه الوجيه المقدام الشهير العم (ناصر بن حمود) - وفقه الله تعالى - صاحب البر والإحسان.
وختاماً أقول: إن اختيار سيدي خادم الحرمين الشرفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه - لمعالي الشيخ العلامة سليمان بن عبدالله بن حمود أبا الخيل - وفقه الله تعالى - وزيراً للشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد نبع من رؤية صائبة، وحكمة مسددة.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجزي ولي أمرنا خادم الحرمين الشرفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خير الجزاء على ما قدمه ويقدمه من خدمة للإسلام والمسلمين، وأن يبارك في شيخنا العلامة معالي الوزير (سليمان) لخدمة دينه، ثم مليكه ووطنه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.