معالي الشيخ الفاضل الدكتور صالح بن سعود آل علي، رئيس هيئة الرقابة والتحقيق (السابق) آثر مؤخراً -بطلب منه- التخليّ رسمياً عن هذا المنصب، و كان يشغل قبله منصب مساعد رئيس مجلس الشورى، ومن قبله عضو المجلس، وكان عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وعميداً فيها ووكيلاً لها.
لقد تزاملت مع الشيخ في عضوية مجلس الشورى في دورتيه الأولى والثانية، وتشرفت بإشرافه أثناء كونه مساعداً لرئيس المجلس، ثم كنت غير بعيد عنه بعد انتهاء عضويتنا في المجلس، إبّان شغله لمنصب رئيس هيئة الرقابة والتحقيق، وكان يخصني - أحياناً- بطلب الرأي في بعض المسائل المرتبطة بما أعرفه في مجال الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد.
بيد أن علاقتي به توطّدت وتعمّقت بعدما تقاسمت معه هموم العمل رسمياً من خلال الهيئتين، هيئة الرقابة والتحقيق، والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، مع المخلصين من أبناء هذا الوطن.
وعرفت في الشيخ صالح، فضلاً عن مناقب العلم والعمل به، أصدق صفات الوطنية والإخلاص، وأعمق معاني النزاهة والأمانة، وكثيراً ما كان بيني وبينه اتفاق في الرؤية وتلاحم في الفكر في المسائل ذات الاختصاص المشترك أو الاهتمام المتشابه في عمل الهيئتين، وأذكر أنني زرته بُعيد تسلّمي مسؤولية الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، مستنجداً بطلب مساعدته في إعارة بعض العاملين في هيئة الرقابة والتحقيق للإسهام في العمل وتأسيسه، رغم ما كنت أعرفه عن حاجة الهيئة ذاتها لهم، فما كان منه إلا أن بادر بقطع كلامي قبل إكماله ، بأن هذه هيئة الرقابة والتحقيق أمامك فخذ منها من تشاء، وكان لهذا الإسهام أثره، في عمل هيئة (نزاهة) وفي نفسي، بل إنه زاد على ذلك، عندما عرف بأنني أبحث عن مكتب أبدأ منه عملي، بأن عرض علي بعض المكاتب في هيئة الرقابة والتحقيق.
واستمر التشاور والتحاور بيننا في كل ما نرى أنه يخدم عملنا، ويُسهم في تحقيق ما كُلّفنا به، ويؤدي إلى تكامل العمل وتفاعله بين الهيئتين، وكثيراً ما كان يزورني في مكتبي بعد أن استقرت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في موقعها، بترتيب مسبق، وغير مسبق أحيانا، رغم شعوري بأنه الأحق بالزيارة، لمناقشة أمر من الأمور فيما يهم العمل المشترك.
لقد كان لهيئة الرقابة والتحقيق، إبان عمل الشيخ صالح فيها دور بارز وملموس في ترسيخ وتنفيذ قواعد الرقابة الإدارية، وجوانب من الرقابة المالية، ومتابعة تنفيذ المشاريع المكلف بها، والتحقيق في جرائم الفساد الإداري والمالي والوظيفة العامة وقضاياهما، والمرافعة والمدافعة عن الحق العام وأموال الدولة وممتلكاتها،
أخي الفاضل الشيخ صالح:
لا أقول في ختام ما قلت بعضه، وقد كنتُ أحد من عمل معك وبقربك، إلا أنني وجدت فيك أخاً مخلصاً أميناً، غيوراً على المصلحة، منافحاً عن الحق، لا تأخذك فيه لومة لائم، وحيث قد تخلّيتَ عن التزامات العمل الرسمية، فإنني آمل أن تظل على وفائك والتزامك بالصفات التي عرفناها فيك، وهي كثيرة، يهمني منها في هذه المناسبة، المساندة في المكابدة، والمنافحة في المكافحة، متمنياً لك حياة هانئة، وعيشاً سعيداً، وعمراً مديداً، مع تقديري لشخصك أيها الرجل الصالح.
بقلم/ محمد بن عبدالله الشريف - رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد