البدائع - صالح الحامد:
فقدت نورة والدها وبصرها وتنتظر من ينقذها من الفشل الكلوي بعد أن أصبحت تعيش في ظلمات تزداد سواداً يوماً بعد يوم، هكذا بدأت أم نورة حديثها لـ (الجزيرة) حول معاناة ابنتها (نورة) والتي أنهت مرحلة طفولة بائسة قاسية، فقد كانت (نورة) تحلم بأن تكون (طبيبة) تداوي المرضى وتزيل آلامهم وتقدم لهم الدعم والعلاج هكذا كانت تقول في طفولتها، غير أن أحلام نورة ماتت تحت وطأة المصائب التي تلاحقت عليها رغم صغر سنها فكتبت لمن حولها سطوراً من الألم والحرقة اكتوت بها والدتها التي لم يكف دمعها يوماً واحداً منذ أن بدأت معاناة ابنتها قبل سنوات وهي في التاسعة من عمرها.
كانت (نورة) تلهو بعرائسها الجميلة وتغني ألحاناً أجمل تنتظر عودة والدها كالعادة إلى المنزل غير أن ذلك اليوم ليس ككل الأيام فقد حمل الخبر الصاعق الذي هز أركان منزلهم السعيد وهو وفاة والدها في حادث سير، فظلت منذ ذلك اليوم تبكي وتسأل عنه كل ليلة وتبلل وسادتها بالدموع على من كان يلاعبها ويضحكها ويلاطفها ويفاجئها بما يسرها ويسعدها.
وفي أحد الأيام لاحظت الأم أن نورة فقدت نشاطها وحيويتها التي كانت تملأ المنزل فظنت أنه (الحزن) على فراق والدها وأنها نظراً لصغر سنها لم تستطع أن تحتمل الصدمة، لكن الأمر كان أكبر من ذلك فمع تدهور حالتها الصحية عرضتها على الطبيب في المستشفى العسكري، وبعد الفحوصات تبين أنها تعاني من مشاكل في (الكلى) وأنه لا بد من إسعافها بكلية من أجل إنقاذ حياتها، كانت حينها تبلغ من العمر (9) سنوات فتقدم احد أقاربها وتبرع بكليته وكانت للأسف كلية ضعيفة فشلت فاضطروا للغسيل المستمر الذي عكفت عليه والدتها في المنزل نظراً لعبء التنقل للمستشفيات الذي لم تكن تستطيعه ونورة الصغيرة الوادعة تنقاد بالاستسلام للغسيل رغم ألم الإبر الذي شوه يديها، وتمر الأيام وتتعرض نورة لمشاكل صحية كثيرة وكبيرة فتبحث والدتها عن متبرع يتطلع لإنقاذ حياة طفلة فقدت البسمة والفرحة والأمل ليعيد الإشراق والسعادة لنورة ويكفيها عناء التردد من خارج الرياض.
وتدخل نورة مرحلة الخطورة ويقرر الأطباء إزالة تلك الكلية التي أخذتها من قريبها لعدم قدرتها على العمل، لتبدأ فصلاً جديداً من المعاناة فتفقد نورة (بصرها) وتملأ غرفتها والممرات بصراخ الألم في كل مرة تغسل كليتها، عطف الجميع في المستشفى عليها وزاد من ألم والدتها التي أصبحت مشتتة الذهن والجسد ما بين نورة ووضعها الصعب وما بين أطفالها في منزلهم خارج الرياض.
والدتها ناشدت كل من يستطيع إنقاذ ابنتها والتبرع لها بكلية ومن يتكفل بتكاليف علاجها وعمليتها أن يتحرك قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، فهي تمني النفس دوماً بحياة هنيئة ملؤها التفاؤل والعطاء لـ (نورة) وتؤكد أن فصائل الدم المطلوبة هما (B أوO) وتذكروا: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (32) سورة المائدة.