صاغت إحدى السيدات مشاركة في إحدى وسائل التواصل الاجتماعي تتعجب فيها من نفوذ حظها الذي يبتسم لها دائماً ذاكرة أنها تفاجأت عند زيارتها لفرع من فروع شركة ملابس عالمية أن البائعة تخبرها أن القطعة التي قامت باختيارها لم يأت منها سوى هذه القطعة (تخيلوا قطعة واحدة فقط) وهي التي ستكون لك واصفة السيدة بأنها (محظوظة) كون أنها ظفرت بهذه القطعة اليتيمة!!
ثم ذكرت أنها أيضاً توجهت ذات مرة إلى معرض عالمي لبيع الأحذية وعند اختيارها لما أعجبها تفاجأت بأن البائع يُخبرها أن الحذاء الذي نال استحسانها هو آخر حذاء موجود في المعرض، لا والأعجب وبالصدفة يكون هذا الحذاء الأخير (ومن حُسن الحظ) هو بالضبط على قياسها! فكانت أختنا الفاضلة تُعبّر عن الموقفين بقمة السعادة متسائلة عدة أسئلة عن الحظ وأن حظنا السعيد هل يتجلى لنا حتى في مثل هذه المواقف؟
الحظ موجود، فالمولى سبحانه وبحمده ذكر في كتابه أن هناك من هو حظه عظيم حيث قال {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (35) سورة فصلت. وقد يكون هناك أشخاص يتسمون عن غيرهم أنهم أصحاب حظوظ قوية فيُيسر لهم بتيسير الله ما هو جميل أو مناسب لهم دون أي عناء منهم، لكن هل ينطبق هذا على ما حدث لأختنا الفاضلة في محل الأحذية والملابس وثناء البائعين على حظها أن ظفرت بآخر قطعة؟
لدينا في المهارات البيعية أمران يعرفهما أهل الاختصاص: الأول ما نُسميه بمهارات إقفال العملية البيعية، والثاني هو أساليب عرض المنتجات أمام المستهلك وكلا الموضوعين كبيران ويُقدمان في دورات تدريبية منوعة، لكن ما أود توضيحه هنا هو أن ما مارسته بائعة الملابس ومارسه بائع الأحذية لا يعدوا أنه شكل من أشكال المهارات البيعية المتبعة والتي يمارسها البائعون المحترفون، فالمهارة الأولى وهي إقفال العملية البيعية يندرج تحتها تسع أدوات من أدوات إقفال العملية البيعية واحدة منها إيصال رسالة (بشكل مباشر أو غير) للزبون أنه محظوظ كون القطعة التي اختارها هي ما يطلبه غالبية الزبائن وأنه ظفر بها وكأنه يقول (إن لم تأخذها أنت والآن سيأخذها غيرك) وهي من الأساليب الدافعة للزبون كي يتخذ قرار الشراء بسرعة، وكي ينجح البائع أو البائعة في إقناع الزبون بأنه (محظوظ) باختياره لقطعة هي مطلب الجميع عليه أن يُسند هذا بالأداة الثانية وهي مهارة العرض والتي تعزز من مصداقية الأولى فيقوم البائع بعرض قطعة واحدة أمام الزبون في المحل كي يقتنع أن هذا الصنف فعلاً مطلوب وشارف على الانتهاء (بالرغم أن المستودع قد يكون يضيق بعشرات من هذه القطعة)، فكيف إن أخبره أيضاً أن هذه القطعة الأخيرة (من حُسن الحظ) هي على مقاسه!
لا مانع أن نُسلّم بأننا أصحاب حظ جميل في حال وفّقنا بشراء المناسب لنا وبالذات إن كانت خياراتنا قبل الشراء متنوعة، بشرط أن يكون الاختيار دافعه قناعتنا التامة بأنه المناسب دون أي تأثير من البائعين، وعلينا أن نعي أن البائعين المحترفين يمتلكون مهارات لفظية وأساليب غير لفظية يقومون باستخدامها عند الحاجة وحسب الموقف وبناء على النمط الشخصي للزبون تكون مؤثرة تأثيراً مباشر عليه في اتخاذه لقرار الشراء وتساعد هذا البائع على إتمام العملية البيعية وهو هدفه النهائي الذي يسعى لتحقيقه.
- أحمد عبود العمودي