إن كنت تظنّ أنّ اهتمامك البالغ بتحليلات وسائل التواصل الاجتماعي، ومراقبتها ورصد علاقات العملاء فيها يعني أنّك تعرف عملاءك أكثر من أيّ وقت مضى، فكّر مجّدداً. فقد تكون كل تلك البيانات التي تصلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي مضلّلة - لأنّها لا تغطّي إلاّ شريحة ضئيلة وغير تقليديّة من جمهورك وقاعدة عملائك عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
هذا هو الاستنتاج الكبير الذي توصّلتُ إليه، بالتعاون مع أندرو ريد، رئيس جمعيّة «فيجن كريتيكال»، في كتاب بعنوان «أمور عن العملاء لا تستطيع تحليلات وسائل التواصل الاجتماعي إخبارك بها» أصدرناه مؤخراً. وحتّى لو كان جمهورك عبر وسائل التواصل الاجتماعي مؤلفاً بمعظمه من أشخاص يدخلون أيضاً في عداد عملائك، عليك أن تعرف أن العملاء الذين تصلك أخبارهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي لا يمثّلون عملاءك عموماً.
والواقع أنّ نحو 90 في المئة ممّا تسمعه عبر وسائل التواصل الاجتماعي يأتيك من أقل من 30 في المئة من مستخدميها، علماً بأن نسبة 30 في المئة هذه - وتضم أشخاصاً نطلق عليهم تسمية «المتحمّسين» - تتألف من المستخدمين المجاهرين بآرائهم، فينشرونها خمس مرات في الأسبوع أو أكثر. أمّا المستخدمون الأكثر تكتّماً، الذين يمثّلون الغالبيّة الكبرى من جمهور وسائل التواصل الاجتماعي (وقد يدخلون في عداد عملائك) فيشملون «الهواة» الذين ينشرون آراءهم ما بين مرّتين وأربع مرّات أسبوعيّاً، و»المستترين» الذين يعربون عن آرائهم مرّة في الأسبوع أو أقل. ولكن إيّاك والالتباس بين التكتّم والخروج عن الموضوع: حيث إن الغالبيّة الكبرى من المستترين والهواة يتصفّحون «فيس بوك» مرّة في اليوم على الأقل.
ويُعدُّ فهم الفوارق بين أنواع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الثلاثة هذه بالغ الأهمية، وليس فقط لتحديد الاستراتيجية التي ستعتمدها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن أيضاً لمعرفة كيفية خدمة عملائك والتسويق لأجلهم وبثّ روح الالتزام لديهم.
وقد عملنا بالتعاون مع ثلاث علامات تجارية عالميّة لجمع تعليقات مفصّلة من عملائها، إلى جانب بيانات سيرة هؤلاء الأشخاص أنفسهم عبر موقع «فيس بوك». وسمح لنا ذلك بتطوير أول صورة بتوجيه من البيانات حول اختلاف مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي المجاهرين عن المتكتّمين منهم، بطرق هامّة بالنسبة إلى شركتك.
أمّا المتحمّسون، فأشخاص تبرع تحليلات وسائل التواصل الاجتماعي في رصد تحرّكاتهم، لأنّهم يشاركون بنشاط على مواقع التواصل الاجتماعي. ويكونون في العادة متسوّقين توّاقين للشراء، يبحثون على الأرجح عن الصفقة الممتازة التالية. وكذلك، يُكثرون من استعمال هواتفهم الجوّالة ويقارنون على الأرجح بين الأسعار حين يتسوقون، فضلاً عن كونهم انتقائيين بشأن البرامج التلفزيونيّة التي يواظبون على مشاهدتها.
أمّا الاحتمال بأن تظهر في تحليلاتك بيانات عن عملائك الهواة والمستترين فأقل بكثير، حيث إن المستترين يتقاعسون عادةً عن الشراء أكثر من غيرهم، ومن المستبعد أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي قد شجّعتهم على التسوّق. إلى ذلك، يُظهرون اهتماماً أقل بهواتفهم الجوالة، ويشاهدون برامج تلفزيونية أكثر تنوّعاً، ويتابعون عدداً أقل من الموضوعات عبر «فيس بوك». ويمثّل الهواة، شأنهم شأن المستترين، نسبة 10 في المئة ليس إلا مما تسمعه عبر «فيس بوك»، حتّى لو كانوا يشكّلون نحو 20 في المئة من جمهور «فيس بوك» عموماً. وتشير هذه الفوارق إلى أنّك لا تستطيع استخدام المتحمّسين كوكلاء عن عملائك عموماً. ومن الضروري أن تتوصل إلى طرقٍ لإيجاد إطار مشترك لما تسمعه عبر وسائل التواصل الاجتماعي من جهة، وتحركات العميل عبر مصادر اخرى من جهة ثانية، بما يشمل بيانات الصفقات، وتعليقات العملاء، وتعقُّب النقرات والأحاديث مع مجموعة واسعة من العملاء، علماً بأن وحده نجاح الشركات في الجمع بين مصادر المعلومات هذه كلّها سيسمح لك بمعرفة عملائك فعلاً، وأفضل من أيّ وقت مضى.
بقلم: ألكساندا سامويل- ألكساندرا سامويل: نائب رئيس وسائل التواصل الاجتماعي في جمعيّة «فيجن كريتيكال»، ومؤلفة كتاب بعنوان «اعمل بذكاء أكبر وتحكّم ببريدك الإلكتروني»).