طرابلس - أ.ف.ب:
قتل تسعة أشخاص وأصيب 37 آخرون بجروح في تفجيرين انتحاريين وقعا في منطقة جبل محسن في طرابلس في شمال لبنان السبت، ما يثير الخشية من عودة التوتر إلى هذه المدينة ذات التاريخ الحافل بالمواجهات بين سنة وعلويين.
وبعد أن تحدثت تقارير أولية عن عملية انتحارية واحدة، أفاد مصدر أمني وكالة فرانس برس عن وقوع تفجيرين انتحاريين، مشيرًا إلى الاشتباه بان شابين من المدينة يقطنان حيًا سنيًا يبعد حوالي خمسمائة متر عن جبل محسن ذات الغالبية العلوية، قد يكونان نفذا العملية التي تبنتها جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة.
وسارعت الأطراف السياسية المختلفة في البلاد إلى استنكار التفجير، داعية إلى التضامن مع أهالي جبل محسن وإلى «الوحدة الوطنية».
وقال المصدر الأمني إن «انتحاريًا أول دخل مقهى الأشقر في جبل محسن قرابة الساعة السابعة والنصف مساء (17، 30 ت غ) وفجر نفسه.
وحصلت فوضى وهرع الناس إلى المكان، فوصل انتحاري ثانٍ وفجّر نفسه بدوره».
وقال المصدر إن الأجهزة الأمنية تشتبه بأن الانتحاريين من منطقة المنكوبين السنية في طرابلس. وقام الجيش بتطويق منزليهما. وأعلنت جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة على حسابها الرسمي على موقع تويتر مسؤوليتها عن التفجيرين.
وأوردت تغريدة قصيرة جاء فيها «#جبهة النصرة: استهداف مقهى للحزب الوطني الديموقراطي النصيري في جبل محسن بعملية استشهادية مزدوجة ثأرًا لأهل السنة في سوريا ولبنان». والحزب العربي الديموقراطي هو أبرز حزب ممثل للاقلية العلوية في لبنان.
وأعلنت وزارة الصحة في بيان اوردته الوكالة الوطنية للإعلام أن حصيلة التفجيرين «تسعة قتلى و37 جريحا»، مشيرة إلى وجود أشلاء ومصابين آخرين إصابات طفيفة. وأكد شهود وجرحى وقوع انفجارين في المقهى، مشيرين إلى أن احدا لم يتمكن من معرفة ما حصل بالضبط على الفور.
كما أشاروا إلى وجود أشلاء بين الجثث. وتم تناقل صورة رأس انتحاري قطع بسبب شدة الانفجار، على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومن شأن هذه العملية أن تعيد التوتر إلى المدينة التي شهدت بين أيار - مايو 2007م وربيع 2014 عشرين جولة قتال بين منطقتي باب التبانة ذات الغالبية السنية وجبل محسن في طرابلس أوقعت مئات القتلى والجرحى. وتأججت جولات العنف هذه على خلفية النزاع السوري مع وقوف غالبية السنة إلى جانب المعارضة السورية وتأييد العلويين لنظام الرئيس بشار الأسد. وسارع الأطراف السياسيون الرئيسون في البلاد إلى استنكار التفجير، داعين إلى الوحدة الوطنية.
وقال رئيس الحكومة تمام سلام في تصريح صحافي «ان هذه الجريمة لن ترهب اللبنانيين والطرابلسيين منهم على نحو خاص، ولن تضعف عزيمة الدولة وقرارها في مواجهة الإرهاب والإرهابيين».
واتهم حزب الله الشيعي، حليف النظام السوري، «التكفيريين الإرهابيين» بارتكاب الجريمة. وقال في بيان إن هذه الجريمة «واضحة المعالم وواضحة الأهداف، ما يؤكد أن الأخطار التي تتهدد مناطقنا كلها هي واحدة ومصدرها الفكر التكفيري الإجرامي الذي لا يميز بين منطقة وأخرى وطائفة وأخرى وبلد وآخر»، مشيرًا إلى أن «استهداف مدينة طرابلس في هذا الوقت محاولة من هؤلاء الإرهابيين لإعادة نشر بذور الفتنة بين أهلها». ودعا «أهالي وقيادات جبل محسن بشكل عام» إلى «التماسك والصبر وعدم الانجرار إلى ردات الفعل التي تحقق للمجرمين أهدافهم الدنيئة».
في المقابل، قال رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، أبرز زعماء السنة في لبنان، في بيان إن «هذا العمل الإرهابي يندرج في إطار إثارة البلبلة وتأجيج الفتنة وزعزعة الأمن في عاصمة الشمال، بعدما تمكن الجيش اللبناني والقوى الأمنية من وقف دورات العنف والاقتتال ومكافحة التنظيمات الإرهابية وتثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة».