لقد تَباشرنا فرحاً، وسروراً على سلامة فحوصات خادم الحرمين الشريفين الطبيَّة، وبلغت فرحتنا عنان السماء، وسرورنا مُتسع الفضاء وسعادتنا أرجاء الكون، ولهجت ألسنتنا ولاءً، وثناءً، ودُعاءً، راجين من الله العليّ القدير أن يُديم عليه نعمة الصحة، ولباس العافية، وطُول العمر لأبنائه المُواطنين الذين يتعب من أجل مُتابعة مصالحهم التي أخذت جلّ وقته، وساعات نومه، وثمن صحته، وهذه الخِصال التي اتّصف بها من أوفى روابط الحب بينه وبين رعيّته التي أذهلت شعوب العالم؛ لأنها لا تحصل إلاَّ من الرجال العُظماء الذين تصغر عندهم حب ذاتهم، وتكبر فيهم حب شعوبهم؛ من أجل إِسعادهم الذي يُعد من أرقى مكارم الأخلاق العربيَّة التي لا تصدر إلاَّ من الرجال المُتحلّين بحب فطري فطرهم الله عليه.
إنَّ نبأ سلامة خادم الحرمين الشريفين الذي ترقّبه شعبه، وشعوب العالم عبر وكالات الأنباء العالميَّة أجلت من قلوب مُحبيه غمامة الحزن التي فجَّرت محاجر أدمع عُيونهم؛ لأنه رجل المواقف النبيلة في نجدة الإنسان، واستشعار فرحه، وحزنه.
فكم من إنسانٍ في بلدٍ إسلامي أُصيب بمصيبة إلاَّ وامتدّت يديه لنجدته، ومواساته، والترحّم عليه يُواجه الشدائد التي تُصيب العالم الإسلامي بعزم الرجال، وقبول النوازل بصبر الأبطال، ومُعالجة المصاعب بتصرّف الحكماء؛ فأطلق عليه العالم حكيم العرب.
كما أن قلبه الكبير ينبض في بلدهِ، وبلدان العرب، والمسلمين؛ لأنه اتّصف بصفات العربي المُسلم، المُؤمن الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر جسده بالسهـر والحُمّى، يشتكي شكواهم، ويتألم لآلامهم ويحزن لأحزانهم.
فكم أحزنته استماع أُذنيه أنين أبناء غزّة الذين تحت أنقاض منازلهم ومدارسهم، ومساجدهم، وكم أدمعت أعينه صرخات من بُترت أطرافهم، ونزفت دماؤهم، وحُطّمت عظامهم في الثورات العربيَّة، وكم كوت قلبه الزلازل، والفيضانات، والمجاعات في العالمين الأفريقي، والآسيوي، وغيرها من العوالم العربيَّة، والإسلاميَّة، والصديقة.
فأنت يا خادم الحرمين الشريفين في قلوب أبناء الأمة الإسلاميَّة، فالمعتمر والحاج، والزائر في المطاف، والمقام، والمسعى، والإمام، والخطيب، والمصلي في المحراب، والمنبر، والروضة، والمريض، والشاعر والأديب في السرير، والقصيدة، والنثر، والمزارع، والتاجر، والموظف في مزرعته، ومتجره، ومكتبه يرفعون أكفّ الدعاء إلى الله العليّ القدير أن يُديم عليك الصحة والعافية.
هذا ومن الصعب تقصّي حب شعبك، وشعوب العالمين العربي، والإسلامي لكم يا خادم الحرمين الشريفين، ولكن أذكر شيئاً من إنجازاتكم العظيمة مُنذ توليكم مقاليد الحكم في السادس والعشرين من الشهر السادس سنة: ست وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة التي تُعد أتواج وضَّاءة على رؤوس أبناء شعبكم الذين يفخرون بها أمام شعوب العالم، وهي توسعة الحرمين الشريفين، ومشروع المطاف، وجسر الجمرات، والخيام المطوّرة، وتركيب المظلات، وإنشاء مكتبة الحرم المكي، وخدمة الترجمة الفوريَّة في الحرم المكي، والمدني، وإنشاء كرسي الملك - عبدالله بن عبدالعزيز للقرآن الكريم، وإنشاء صندوق؛ لمعالجة الفقر، ومؤسسة الملك - عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه؛ للإسكان الخيري ورفع الحد الأعلى للقرض السكني لخمسمائة ألف ريال، وإنشاء خمسمائة ألف وحدة سكنيَّة للمحتاجين من المواطنين، واعتماد الحد الأدنى لرواتب كافة الموظفين بالدولة من السعوديين لثلاثة آلاف ريال، وإحداث ستين ألف وظيفة عسكريَّة لوزارة الداخليَّة، وأوصلت الجامعات لثلاثة وثلاثين جامعة، وأربعمائة وأربع وسبعين كلية، وأكثر من مليون طالب وطالبة في ست وسبعين مدينة، ومُحافظة، وإنشاء الهيئة الوطنيَّة لمكافحة الفساد، وبناء جسور المحبة بين الدول العربيَّة، آخرها المصالحة بين دولتي مصر وقطر، وغيرها من الإنجازات التي حصلت في مدة عشر سنوات، وهي تتحدَّث عن نفسها للداني والقاصي.. إنها تحتاج في بلدان أُخرى لبضع عقود ليحصل عليها شعوبها!.