ليس كل من أتى بفعل ابتدع، كل ما في الأمر أننا نسعى للإسعاد لا أكثر، ونرسم بسمةً كادت تندثر، ابتسامة كادت تندثر، ونعيد الأمل في جميل الحياة إن غَيّم عليها البؤس.
يكون المغتربون في بلادنا بلا عوائلهم على الأغلب، وحين تصلهم عن طريق التقنية صور أبنائهم أحبابهم، واحتفالات رأس السنة، في حين أني قد عدت الآن من لقائي بصديقة أو خرجت للتو مع ابني كترفيه نهاية الأسبوع، هل يستويان مثلاً؟
بينما هم لا حول لهم ولا قوة إلا أن يبحثوا عن مكان يوفر لهم خدمة الواي فاي، ليفتحوا شاشة هواتفهم ويلمسوا فرحة أحبابهم بأطراف أصابعهم الجافة الباردة، وينظروا لعيونهم التي لا تفصله عنهم إلاّ نظرة، في حين أنّ العناق يكلفه تذكرة سفر وتأشيرة وسكن وإذن من رئيس العمل وعهود ووعود بالالتزام وعدم الفرار والعودة وإلاّ ....
لا ضير حين أخذنا معنا علبة حلوى أو قطع الشوكولا وقمنا بتوزيعها عليهم من أجل الاحتفاء بهم، نظرات الانكسار التي تغمر الأجانب هنا، في حين أننا نفتح أجهزة التلفاز وعدسات الكاميرا ترصد جميع مظاهر الاحتفال في أنحاء العالم برأس السنة، نحن ما احتفلنا برأس السنة، نحن أشعرناهم بأنهم ليسوا مغتربين، وأنهم بين ناسهم وأصحابهم.
أدخلنا السرور والأُنس في قلب أحدهم، ما كان شراؤنا أو حتى حديثنا معه وبشأن السنة الجديدة بدعة ومظاهر وتقليد كافر أعمى.
لا تحكموا على المظاهر بل انظروا للنوايا، ولأننا لا معجزة لنا في النظر للقلوب، إذن دع الخلق للخالق، الله كفيل بالنوايا، وما يدريك لعل ابتسامتك وفعلك الذي أثمر من اهتمام وحرص يسلك به طريقاً للإسلام أو حتى للبحث عن ماهيته وجوهره،
الدين ترغيب لا ترهيب، ربما هم لا يحتفلون بالأضحى المبارك أو الفطر السعيد، لكن أذكر نظرة النصراني لي حين قال أضحى مبارك، إذن هم يعلمون بيومه وتاريخه وربما رأوا مراسم الاحتفال في بلادنا فمشوا معنا وإن لم يكن يعنيهم، نحن ما احتفلنا معهم برأس السنة، لكن نحن وقفنا مع وحدتهم، وأبدلنا انكسار التغرب أُنس الوصل، دقيقة سؤال عن الحال تكفي ساعة عن الحديث الطويل، وإلقاء التحية والسلام والابتسام بلا مأرب تقيك رجس النوايا وضغائن خُفِيت.
ما كان السلام والاهتمام للمسلمين فقط، كن شجرة تؤتي خيرها وظلها لكل من قصدها من غير تحيُّز ولا انتظار رد الجميل، يكفيك أنك تركت أثر الإسلام فيمن لا إسلام في قلبه.