من المعلوم أن أسباب الضلال والانحراف عن دين الله تعالى وسلوك طريقه المستقيم قد تولّدت من عهد النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيمن كانوا يعترضون على حكمه، ويشككون في عدله، ويتهمونه في تعامله، وعانى بعده الخلفاء في القرون المفضّلة ما ظهر عليهم من فرق الضلال، وأعمال العنف والإرهاب ما لا يحصى، وها هو هذا الداء يستمر إلى يومنا هذا بأشد ما نجد وما نرى، ومن ذلك ما حدث هذه الأيام من حادثة إجرامية واعتداء على أمن هذه البلاد المباركة في مركز سويف الحدودي والتي استشهد فيها ثلاثة من رجال أمننا البواسل حماة حدود الوطن ورجال المهام الصعبة والذين قدّموا أنفسهم لله سبحانه تعالى أولاً ثم لخدمة الوطن والذود عنه، كما نؤكّد أن هذه الحادثة الإجرامية ليست من دين الله في شيء وهم بعيدون كل البعد عن نهج النبي الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم -؛ لما انطوت عليه من الغدر والخيانة وقتل النفس المعصومة وإلقاء الأنفس إلى التهلكة وترويع الآمنين وهتك حرمات المسلمين والإفساد في الأرض، إذ إن الله تعالى أمر بحفظ المسلمين في أموالهم وأعراضهم وأبدانهم، وحَرَّم انتهاكها، وشدَّدَ في ذلك، وكان مِن آخر ما حذَّر منه النبي صلى الله عليه وسلم أمَّتَه فقال في خطبة حجة الوداع: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا»، ثم قال صلى الله عليه وسلم: «ألاَ هَل بَلَّغْت؟ اللهم فاشهد» متفق عليه. وتوعَّد الله سبحانه مَن قتل نفساً معصومةً بأشد الوعيد والخسران المبين، فقال سبحانه في حقّ المؤمن: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (93 سورة النساء)، فما بال أقوام حديثة أسنانهم ليس عندهم علم يهتدون به، أو خبرة في الحياة تحميهم من مزالق الخطر والفتن، ينجرفون وراء كل ناعق وداعٍ إلى نشر الخوف والفزع والدمار في ديار الإسلام، إن هذه الفئة تحتاج لمراجعة أمرها، وتحديد مسارها، والعودة إلى علماء الأمة العاملين. كما أن هذه الأحداث تدعونا لرصّ الصّف والانتباه والتحذير من هذا الفكر الضالّ ومحاربته، والالتفاف على ولاة أمرنا وعلمائنا، وإننا إذ نستنكر هذا الفعل باسمنا وباسم منسوبي المحكمة الإدارية بعرعر ونتقدّم بأحر التعازي والمواساة في شهدائنا بإذن الله لولاة أمرنا حفظهم الله، ولرجال أمهذا الوطن، وذوي الشهداء سائلين الله عزَّ وجلَّ أن يحفظ على هذه البلاد المباركة أمنها وإيمانها وأن يرد كيد أعدائها في نحورهم وأن يحفظ ولاة أمرها وأن يسبغ على قائدها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله- لباس الصحة والعافية إنه ولي ذلك والقادر عليه.
- رئيس المحكمة الإدارية بعرعر المساعد