لا شكَّ أن العُروض العشبيَّة التي يبيعها ويُوصي بتناولها العطَّارون على أنها عِلاج لأمراض يشتكي منها زبائنهم أكثر مكوناتها مواد سامة لا يعرف خطورتها إلاَّ الصيادلة الذين يعملون في مجال علوم الأعشاب الطبيَّة التي درسوها في جامعاتهم، وحلّلوها في مُختبراتهم، وجرّبوها على حيواناتهم، والتي أخذت جلّ وقتهم، وطول صبرهم، وعصارة فكرهم؛ لأجل معرفة هذه الأعشاب، وخطورتها على حياة الإنسان بعد أن أثبتتها دراساتهم، وتحاليلهم وتجاربهم على حياة الحيوان التي أدّت به إلى أعراض قاتلة!.
ومن هذه التجارب التي وصل إليها الصيادلة أوصت هيئة الغذاء والدواء بمنع عرض، ووصف، وبيع الأعشاب السامّة، ومصادرتها إلاَّ أن أكثر الباعة المتجولين لم يبالوا بمنع الهيئة، بل أصرّوا على بيعها، وتوصية المرضى على مواصلة تناولها، واعتبروها آخر علاج لأمراضهم التي يشتكون منها، وانقاد أكثرهم لهذه التوصية القاتلة؛ لضعف عزيمتهم، وقلّة صبرهم؛ لمواصلة العِلاج الذي أوصى به أطباؤهم المختصون؛ لعلاج مثل هذه الأمراض بدواء طبّي أعدّه الصيادلة في مُختبراتهم، وأجازته الهيئات الطبيَّة العالميَّة؛ إلاَّ أن أكثر المرضى حريصون على سرعة العِلاج الذي يعدّه العطّارون من جذور وغصون، وأوراق، وحبوب الشجيرات السّامة التي تحتوي على نسب عالية من الرصاص، والزئبق، والزرنيخ، وغيرها من المواد الخطرة على حياة الإنسان التي يصفها العطَّارون لا يُقدِّر خطورة أعراضها إلاَّ الأطباء ومن تناولها من المرضى الذين تضاعفت، وتأزّمت، ووصلت لأمراض قاتلة!.
كما أنه يُوجد عُروض عند العطَّارين المتجوّلين في الأسواق وصفات أكثر خطورة خُلطت بمواد «الفياجرا»؛ وهي مواد أعدّوها بأيديهم عشوائياً ضاعفوا كميتها؛ لسرعة أدائها الجنسي، وسرعة قتلها لمستخدمها في وقتها، ووصفات أُخرى قاتلة على المدى البعيد أحدثت لمستخدميها: التليّف الكبدي والفشل الكلوي، والتخثّر الدموي، إضافةً إلى السرطان، والعقم والعمى، وغيرها من أمراض أحدثتها عروض أكثر العطَّارين الذين لا يُقدِّرون خطورة عروض وصفاتهم السَّامة في محلاتهم التجاريَّة، وبسطاتهم التسويقيَّة، وشاشاتهم المرئيَّة لزبائنهم المرضى الذين يبحثون عن العلاج الناجع في مضانه، وأن الكثيرين منهم لا يتقصّون مضاعفات عروضهم التي تُؤدي إلى تأزّم أعراض أمراضهم نتيجة المكونات، والأعداد، والاستخدام العشوائي دون فحوصات مخبريَّة، ومقدار جرعتها، ومُدّة استخدامها، وتاريخ نهايتها.
فالذي يعرضهُ العطَّارون في المحلات، والأسواق، والشاشات أكثرها عروض مواد سامَّة، والغير سام ضار من سُوء تخزينه، وتقنينه، واستخدامه، وتاريخه... وهذه تُحدث أضراراً لمستخدمها على المدى البعيد؛ لأنها مواد تحتاج لذوي الاختصاص، والخبرة في مجال الأعشاب واستخدامها.
لذا نأمل من المسؤولين في هيئة الغذاء والدواء ترشيح أحد العطَّارين في كل سوق عطارة في المدن، والمحافظات؛ لأخذ دورة في الأعشاب؛ ليكون «شيخ» للعطَّارين بحيث لا يستخدم المريض الوصفة غير السامة التي صرفها العطَّار إلاَّ بعد عرضها عليه؛ لأنه أعرف بها من غيرها، ومصادرة الأعشاب السَّامة، وأن لا ينقاد المرضى إلى العروض الدعائيَّة التي تُقدِّمها المحطات الفضائيَّة، والمواقع الإلكترونيَّة التي لا يُقدِّرون خطورتها مثل تقديرهم حصولهم على الأموال.
بريدة - نادي القصيم الأدبي