الجزيرة - محمد العثمان:
علمت «الجزيرة» من مصادر مطلعة، عن تحرك لعدد من الجهات الحكومية ذات العلاقة بقطاع الاستثمار في المملكة وبالتنسيق مع الهيئة العامة للاستثمار في مسعى للاتفاق على الآليات المناسبة لتحقيق هدف الوصول بتنافسية البيئة الاستثمارية في البلاد إلى أن تكون في مصاف أفضل الدول في العالم وفقاً لمعايير ومؤشرات التنافسية العالمية.
ووفق المصادر فإن هذا التحرك يأتي إنفاذاً لتوجيهات عليا صدرت إلى نحو 34 جهة حكومية باستمرار هذه الأجهزة بالتنسيق مع هيئة الاستثمار لوضع آلية تنفيذية بأهداف زمنية محددة لمعالجة أسباب تراجع تنافسية البيئة الاستثمارية في البلاد وعدم التحسن في تقرير التنافسية العالمي والتوصيات المقترحة لمعالجتها، وذلك خلال فترة لا تزيد عن ثلاثة أشهر.
يذكر أن ترتيب المملكة تراجع أربعة مراكز في تقرير التنافسية العالمي 2014 - 2015، مقارنة بالعام الأسبق 2013م، لتأتي في الترتيب الـ 24 عالمياً من بين 144 دولة حول العالم، مقارنة بالمركز الـ 20 في العام الأسابق. واحتلت السعودية الترتيب الثالث من بين 15 دولة عربية تضمنها التقرير، بعد الإمارات وقطر، حيث جاءت الأولى في الترتيب الـ 12 عالمياً، بينما حلت الثانية في المركز الـ 16 بين الدول التي رصدها التقرير حول العالم.
وكانت مصادر مطلعة تحدثت لـ»الجزيرة» في وقت سابق، قد ذكرت أن لجنة حكوميَّة، تضم إلى جانب الهيئة العامَّة للاستثمار ممثلي عدد من الجهات ذات العلاقة، تعكف حالياً على العمل لتحسين مناخ بيئة الاستثمار المحلي والأجنبي، ومراجعة الآليات وتسهيل الإجراءات وتطويرها، إلى جانب الوقوف على العقبات والمعوقات كافة التي تواجه الاستثمار والمستثمرين وتقديم المقترحات والتوصيات اللازمة لمعالجتها. وأيْضًا السعي إلى توحيد إجراءات الجهات الحكوميَّة بمراكز الخدمة الشاملة التابعة للهيئة العامَّة للاستثمار، التي تضم أكثر من 10 جهات حكومية ذات العلاقة المباشرة بالاستثمار، كذلك التركيز على المشروعات المستقبلية والقطاعات الاستثمارية المستهدفة لاستقطاب وتنمية الاستثمارات فيها، إلى جانب تبادل المعلومات بين هيئة الاستثمار والجهات الحكوميَّة بما يحسن ويطور من مستوى الخدمات الحكوميَّة المقدمة للمستثمرين ورجال الأعمال، والعمل على إعداد دليل متكامل يوضح مسار إجراءات تأسيس المشروعات الاستثمارية في المملكة والعمل على أتممتها.
ووفق المصادر ذاتها، فإن اللجنة الحكومية المكلفة بتطوير إجراءات الاستثمار، التي تعقد اجتماعاتها بشكل دوري ربع سنوي، اتفقت في أول اجتماعاتها على آليات عملها وأهدافها وأدوارها وكيفية تشكيل فرق العمل المصغرة من كل الجهات لمناقشة مواضيع محددة، من بينها مدى ملاءمة أن تبقى مهنة مستثمر حافزاً وجاذباً للاستثمار، وما تتمتع به هذه المهنة من مزايا وأسباب منحها، ومكافحة التستر والغش التجاري، وآليات إلغاء التراخيص الاستثمارية، سواء برغبة المستثمر أو بوجود مخالفات.
كما تم أيضاً الاتفاق على القيام بزيارات ميدانية للمنشآت الاستثمارية، ووضع آليات تبادل المعلومات وما يصدر من تعاميم وقرارات ذات صلة بإجراءات وأنظمة الاستثمار بين مختلف الجهات الحكومية من خلال قيام هيئة الاستثمار بتوفير رابط إلكتروني، يمكّن تلك الجهات من الاطلاع على المعلومات وإتاحتها لها، على أن تشمل التراخيص الملغاة والتراخيص التي لديها مخالفات نظامية، وكذلك توجيه الجهات الحكومية، وبالأخص مصلحة الزكاة والدخل، مؤسسة النقد، وصندوق التنمية الصناعية، بتزويد الهيئة في المقابل بالملاحظات كافة على المشاريع من حيث ميزانياتها أو تعثرها في السداد.
وفي ذات السياق، اختار منظمو منتدى التنافسية الدولي لهذا العام، الذي سيعقد في الفترة من 25 إلى 27 يناير الجاري في الرياض، موضوع «تنافسية القطاع الحكومي» ليكون المحور الرئيسي للمنتدى في نسخته الثامنة، الأمر الذي يطرح تساؤلاً لماذا تناقش تنافسية القطاع الحكومي ويعطى لهذا الموضوع هذه المساحة من البحث والنقاش في منتدى يحضره سنوياً قادة الفكر والاقتصاد والسياسة حول العالم. ومع توجُّه المملكة إلى تنويع مصادر دخلها وتنمية اقتصادها أصبح من الضروري التركيز على بناء مناخ يساعد على تطوير الاستثمارات المحلية، ويعمل في الوقت ذاته على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية، وتبني القطاع الحكومي مفهوم التنافسية، ومن هذا المنطلق جاء عنوان منتدى التنافسية الدولي الثامن «تنافسية القطاع الحكومي».
ومن أبرز العوامل التي دعت إلى اختيار الموضوع بحسب الجهة المنظمة وهي الهيئة العامة للاستثمار فإن المنتدى السابق ركز على ضرورة بناء شراكة فعّالة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص؛ من أجل رفع مستوى التنسيق فيما بينهما؛ ليكون منتدى هذا العام استكمالاً وامتداداً لما تم طرحه في المنتديات السابقة بشكل عام، والمنتدى السابع على وجه الخصوص.
وحينما أعلنت اللجنة المنظمة للمنتدى طرح القطاع الحكومي كموضوع رئيسي للمنتدى بينت أن المنتدى سيبحث متطلبات النهوض بأداء الأجهزة الحكومية، وإذا ما كانت أكثر تنافسيةً وقدرةً على مواكبة التطورات والمستجدات الخاصة بالتنافسية الدولية إدراكاً لأهمية الدور المحوري الذي يضطلع به القطاع الحكومي في دول العالم المختلفة من أجل تعزيز تنافسية الاقتصادات الوطنية، ومنها الاقتصاد السعودي الذي يتمتع بإمكانات وسياسات اقتصادية واستثمارية تتسم بالانفتاح والمرونة وضعته في مقدمة الاقتصادات العالمية من حيث الحجم والتأثير.
ويبدو أن هناك اتفاقًا من قبل المختصين على وجود تحسن كبير ولافت في أداء القطاعات الحكومية في السنوات القليلة الماضية، إلاّ أنه في نفس الوقت لاتزال الكثير من التحديات التي تواجه عددًا من أجهزة القطاع الحكومي؛ من أجل النهوض بأدائها وإنتاجها والخدمات التي تقدمها، والمشاركة بشكل فعّال في دعم الاقتصاد السعودي.