دخل فصل الشتاء فعلياً عند دخول المربعانية، والمعروف أن هذا النجم هو الشتاء الفعلي ويضرب به المثل بقوة البرد، وتعتبر الأكثر أياماً فهي تستمر حتى 53 يوماً من دخولها تقريباً، ولو أن للشتاء بقية من خلال نجم الشبط وبعدها تبدأ ترتفع درجات الحرارة تدريجياً عند دخول الربيع، ولكن اللافت للانتباه أن سكان مدينة الرياض لم يشعروا بدخول الشتاء هذا العام، بل إن البعض لم يستغن عن وسائل التكييف خلال النهار! والسؤال هنا: هل دخل فصل الشتاء فعلياً في مدينة الرياض؟
الجواب بكل تأكيد نعم؛ والآن انقضى فصل الشتاء تقريباً، ففي الأعوام الماضية كان الجميع يشعر بالبرد من أول أيام الشتاء حتى نهايته وبالكاد نجد ليلة دافئة، ولكن هذه السنة أصبح العكس، وبالتالي يمكننا طرح سؤال آخر: لماذا لم يشعر السكان بدخول هذا الفصل؟
وللإجابة على هذا السؤال نقول إن السبب يكمن في التلوث، والذي تعاني منه المدينة من الأعوام القليلة الماضية ويزداد عاماً بعد عام حتى يومنا هذا، وما السحابة القاتمة التي تغطي سماء المدينة كل يوم وخصوصاً في الصباح إلا شاهد على هذا التلوث.
عندما نقول التلوث فإننا سوف نعاني الكثير من أعراضه الجانبية مثل الأمراض الصدرية ومثل حساسية الجلد وأمراض أخرى كثيرة يفهمها الأطباء أكثر مني.
وحيث إن المناخ جاف في مدينة الرياض لذلك فإن الغبار والملوثات الصناعية من المصانع والملوثات الناتجة من مواد البناء وملوثات عوادم السيارات سوف تعلق في الجو فلا يستطيع الهواء أن يحرك هذه الكتلة السحابية الضخمة، وبالتالي فإنها سوف تتراكم معظم أيام السنة وعندما يحل الشتاء لا يستطيع الهواء البارد أن ينزل على اعتبار أن هذه السحابة ذات حرارة عالية وبالتالي يعود الهواء إلى الأعلى مرة أخرى ويمنع بذلك تكوّن السحاب فوق المدينة لأن قوة الهواء أصبحت أقوى وبالتالي فإننا أصبحنا في مشكلة أخرى ألا وهي الجفاف بسبب نقص الأمطار.
إن التغيير المناخي الذي نسمع عنه سوف نكون من أوائل ضحاياه بسبب ما ذكرته من أسباب وهذه مسألة لا بد من نظرة عن كثب في حيثيات التغيّر المناخي، وعلى ذلك فإني أحذّر وأدق ناقوس الخطر من تداعيات هذا التلوّث ومن أضراره وعلى مسؤولي المدينة أن يلتفتوا للجوانب البيئية عند دراسة وترسية المشاريع، وأيضاً تكثيف التشجير لأن الأشجار من خلال ما يُسمى عملية البناء الضوئي باستطاعتها تلطيف الجو ولو بشيء يسير، ولا بد أن نعمل إجراءات تحد من استخدام السيارات التي تلعب دوراً كبيراً في هذا الموضوع بسبب أعدادها الهائلة والتي لا تتوقف عن الحركة وما ينبعث منها من خلال عملية الاحتراق كميات كبيرة من الكربون وتكمن عملية الحد من خلال وضع يوم في الشهر وليكن يوم إجازة ولمدة 12 ساعة على سبيل المثال.
آمل ألا تصل هذه المشكلة مرحلة الأزمة ولكن تداركها في هذا الوقت يساعد على سرعة حلها أو الحد من أخطار هذا التلوث ولو بشكل كبير.
- عبدالوهاب فهد الظويفري