مما لا شك فيه ان الدول جميعاً, مهما كبر أو صغر حجمها أو تنوع اقتصادها وموقعها الجغرافي، تتبنى خططاً وبرامج يكرس لها ميزانيات ضخمة من ميزانياتها من اجل تطوير التعليم. هذا يأتي في المقام الاول لمواكبة ومواجهة العصر الجديد وتحدياته والتحولات فيه من جوانب عدة منها الجانب المعلوماتي والاقتصادي والثقافي والعلمي بالمقام الأول.
المملكة العربية السعودية ومنذ انشاء وزارة التربية والتعليم (وزارة المعارف سابقاً) عام الف وثلاثمائة وثلاثة وسبعين للهجرة وهي تسابق الزمن في هذا المجال. أعني مجال محاكاة التطور في التعليم الذي يتناسب مع ما يخصص من ميزانيات سنوية لوزارة التربية والتعليم.
في خبر عبر احدى الصحف الالكترونية قرأت عن نية وزارة التربية والتعليم إنشاء اربع مدارس متخصصة للموهوبين في اربع مدن رئيسية هي الرياض جدة المدينة المنورة والدمام نهاية العام الحالي الف واربعمائة وستة وثلاثين للهجرة. يتبع ذلك الافتتاح للمدارس توسع في تنفيذ انشاء مثل هذه المدارس لتشمل كل مدن المملكة بلا استثناء من خلال الخطة الثانية للمشروع. الهدف هو حتى من المسمى لتلك المدارس يمكن استنباطه وهو رعاية الموهوبين وتنمية قدراتهم إذا ما اتصفوا بالموهبة.
وليتم نقل كل موهوب في مجتمعنا إلى عالم التقدم الفكري والعلمي والعملي على حد سواء.
كل ذلك يحتمه اننا نعيش في عصر الابداع والابتكار الذي هو نتاج الموهبة بلا شك. ولأن الدول المتقدمة في شتى المجالات فكرت جدياً بالعيش في المستقبل.
من هذا المنطلق يجب علينا إذا ما كنا نطمح للرقي المعرفي والصناعي والثقافي والمجتمعي ايضاً ان نبني صناع المستقبل ونحفزهم ونقف معهم قلبا وقالباً.
الجدير ذكره وحسب التصريح المعلن الذي اطلعت عليه ان المشروع (موهبة) يستهدف ما بين عامي الفين واربعة عشر والفين وخمسة عشر ميلادية في الخطة الثانية حوالي سبعين ألفاً وثلاثمائة وخمسين موهوباً قبل (بضم القاف) منهم اربعة عشر ألفاً وسبعمائة وثلاثة موهوبين فقط.
كل ما ذكرته اعلاه شيء جميل يدعو إلى الفخر ويفتح افاق التفاؤل التي نطمح إليها جميعاً، خصوصاً المهتمين بالمجال التعليمي مروراً باولياء امور الطلاب والطالبات المستهدفين.
ولكني هنا اعود بذاكرتي إلى الوراء قليلاً اي إلى ما قبل خمسة عشر عاماً لأتذكر مشروع المدارس الرائدة الذي اقرته وزارة التربية والتعليم في ذلك الوقت، وهو بالمناسبة برنامج أو مشروع يمكن القول انه اخذ الفرصة الكافية لتحقيق أهدافه، وهي مدة كافية وافية للحكم على إيجابيات وسلبيات هذه التجربة.
كانت فكرة ذلك المشروع نموذجا مطورا لمدرسة المستقبل الهدف يعزى فيها إلى معالجة كثير من مشكلات النموذج المعتاد والسائد في مدارس تعليمنا العام. إضافة إلى ذلك ولكي تكون المدرسة الرائدة نموذجا مطوراً لمدرسة المستقبل يقتدي بها. تلك المدارس وحسب افادة الكثيرين ممن عملوا فيها فقد كان جل اهتمامها هو نجاح الطالب أو الطالبة بتفوق في الامتحانات واغفل الموضوع الرئيسي من انشائها وهو كما ذكرت مسبقاً المحاكاة للمدارس الاخرى لتطويرها. ذلك تسبب في أخذ هدف المشروع إلى منحنى آخر.
من هذا المنطلق هناك من يتساءل هل مشروع موهبة سوف يحقق الاهداف المنشودة من اقراره؟ نتمنى ذلك.
- الكلية التقنية بالرياض