الحياة تغيّرت، تغيّرت بمفاهيم كثيرة وزوايا كثيرة لمْ تكن موجودة منذ جيلين سابقين على الأقل في وطننا الحبيب. وهذا التغيُّر سرّع في عملية التواصل مع الآخرين وبشتى السبل المتاحة ومنها أجهزة الاتصالات الهاتفية والقنوات الفضائية ووسائل الاتصال بكافة أشكالها. هذا هو الحوار مع الآخرين، أو مع الآخر، إذاً الحوار هو مطلب إنساني وحضاري، لإشباع حاجة الإنسان للاندماج والتواصل مع محيطه القريب والبعيد، وفي عصرنا لم يعد هناك أي شيء بعيداً. ومفهوم الحوار: لغة: الجواب، وقيل المحاورة: المجاوبة والتحاور والتجاوب. واصطلاحاً: حوار يجري بين اثنين أو أكثر حول موضوع محدد للوصول إلى هدف معين. والهدف هو سد الفجوة بين الناس والوصول إلى حل مرض يساهم في الاستقرار والسلام . ولقد أكد ديننا الإسلامي على قيمة الحوار وأهميته في حياة الأمم والشعوب، وذلك من خلال ما ذكره الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز حيث قال سبحانه {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
والحوار يأخذ أنواعاً كثيرة منها ، الحوار الوطني، الحوار الديني، الحوار الاقتصادي، الحوار الأمني، الحوار السياسي والحوار الاجتماعي. ونحن بحاجة ماسة للحوار الرياضي الذي بدأ يأخذ اتجاهاً خاطئاً اتجاهاً في الطريق الوعر. لنْ أكتب عن تفاصيل كل حوار، سوف أحاول أن أوضح كم نحن بحاجة ماسة للحوار الاجتماعي داخل الأسرة والمدرسة والجامعة. للحوار آداب وبدونه لنْ نستمع إلى ما نقول وندور حول أنفسنا. ليس هناك برج عال، الناس في الحوار لهم الحرية في التعبير طالما إنه يخدم موضوع الحوار. برأيي الشخصي وربما الآخرين من أهم آداب الحوار الإصغاء، الله سبحانه وتعالي خلق لنا لساناً واحداً وأذنين والإصغاء يعطينا صورة كاملة عن وجهة المتحدث ، ما نلاحظه في بعض الحوارات غياب الإصغاء والانشغال في أمور أخرى. ولعل احترام الطرف الآخر واحترام رأيه من آداب الحوار. ومن الطبيعي أن تنتقد رأي المحاور ولا تنقد الإنسان المحاور وتقلل من أهميته ربما يكون أفضل منك.
الحوار داخل الأسرة مهم جداً وذلك لخلق جيل حضاري جيل يعرف ويتعرّف على الحوار. والحوار داخل الأسرة البذرة التي يجب علينا زرعها في أرض خصبة. وهي النواة الأساسية التي يتشكل فيها تعامل الفرد مع الغير. الآباء والأمهات عليهم دور أساسي في غرس بذور الحوار في عقول أبنائهم وبناتهم. للأسف هناك من يهزل ويسخر من الحوار مع الأبناء، وهذا دليل على قصر النظر والخوف من تكشّف ضحالة الخبرة والمعرفة لدي الآباء والأمهات. كم هو جميل أنْ يخصص ساعة حوار يومياً في مدارسنا الابتدائية والمتوسطة والثانوية بنين وبنات وفي كافة مناطق المملكة فمواضيع الحوار كثيرة ومتجددة.
وهذا الحوار يكون تحت إشراف متخصصين ومتخصصات في شأن الحوار . أما الجامعة فيا حبذا أن تتبنى القناة الثقافية والقنوات السعودية الأخرى بالتعاون مع الجامعات، بث وتسجيل الحوار الجامعي والهدف منه تثقيفي وإرشادي وتشجيع الجميع على الحوار. أقتبس: اهتمامنا بعيوب الناس شر عيوبنا (جبران خليل جبران).
أخيراً لماذا لا نتحاور ؟ لماذا لا نفهم ونتفهّم آراء الآخر والآخرين. فالاختلاف من دواعي الحوار لا من موانعه كما يتصوره البعض. نحن بحاجة للحوار لنشر روح المحبة والتآخي في مملكتنا الحبيبية.
ومن أهم أهداف مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ، تكريس الوحدة الوطنية في إطار العقيدة الإسلامية وتعميقها عن طريق الحوار الفكري الهادف.