مالي - خاص بـ«الجزيرة»:
أكد أمين عام اتحاد علماء إفريقيا الدكتور سعيد محمد بابا سيلا أن جهود المملكة العربية السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين في إفريقيا أمر بارز للعيان من خلال مشروعات البنية التحتية والمشروعات التعليمية والمراكز الإسلامية والمساجد. وكذا إعداد قادة العمل الإسلامي في إفريقيا من خلال تلقيهم التعليم في جامعات المملكة.
وأشار د. سعيد بابا سيلا في حواره مع (الجزيرة) إلى أننا نسعى إلى القيام بدور مؤثر في مواجهة التحديات التي تواجه القارة الإفريقية، وأن للعلماء دور في حل النزاعات المحلية والإقليمية في القارة بمستوياتها وأسبابها المختلفة.
وأضاف أن فكرة إنشاء هذا الكيان إيجاد اتحاد لعلماء إفريقيا (جنوب الصحراء)، ليكون مرجعية علمية فاعلة في المجتمعات الإفريقية، تعزز دور العلماء والدعاة في قيادة المجتمع بشرائحه وطبقاته، وتضبط الفتوى، وتتفاعل مع القضايا والأحداث العامة في القارة، وفيما يلي نص الحوار:
* «اتحاد علماء إفريقيا» حديث النشأة.. فهل قدمتم لنا فكرة موجزة وراء إنشائه، وخطواته المستقبلية في العمل الإسلامي؟
- فكرة إنشاء هذا الكيان هي إيجاد اتحاد لعلماء إفريقيا (جنوب الصحراء)، ليكون مرجعية علمية فاعلة في المجتمعات الإفريقية، تعزز دور العلماء والدعاة في قيادة المجتمع بشرائحه وطبقاته؛ وتضبط الفتوى، وتتفاعل مع القضايا والأحداث العامة في القارة، وتعبر عن مسلمي إفريقيا في المحافل المحلية والإقليمية والدولية.
وهذه الفكرة طالما تم تداولها في أروقة الملتقيات والمؤتمرات التي يشارك فيها علماء من إفريقيا؛ سواء تلك التي تعقد داخل القارة أو خارجها؛ بل إن الفكرة أضحت محل مناقشات ومحاورات بين علماء القارة من خلال مراسلاتهم واتِّصالاتهم؛ وقد آن الأوان أن تخرج القضية من دائرة الفكرة إلى طور المشروع؛ لعوامل كثيرة ومستجدات متسارعة في هذا العالم اليوم؛ عالم التكتلات والتحالفات.
وبحمد الله وفضله خرجت الفكرة إلى مشروع قائم ابتداء من المؤتمر التأسيسي الذي انعقد في باماكو عاصمة جمهورية مالي في الفترة 9 - 11 شعبان 1432هـ الموافق 8 - 10 يوليو 2011م، وحضره مندوبون من 37 دولة؛ وممثل للأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي؛ ومندوبون من بعض الهيئات من خارج القارة كمراقبين.
الرؤية: مرجعية علمية شرعية للنهوض بالأمة الإسلامية في إفريقيا
الرسالة: تعزيز جهود العلماء في إفريقيا وتوحيد صفوفهم لقيادة الأمة وفق المنهج الإسلامي الصحيح.
وقد وضع الاتحاد خطة خمسية في إطار تحقيق أهدافه المتمثلة في الآتي:
1) إيجاد مرجعية علمية دعوية لتوجيه وتنسيق الجهود العلمية والدعوية في إفريقيا.
2) إيجاد مرجعية إسلامية تعبر عن المسلمين في القارة أمام المؤسسات والهيئات العلمية والأكاديمية والرسمية والدولية.
3) تعزيز جهود العلماء في توجيه وقيادة المجتمعات الإفريقية.
4) ضبط الفتوى في القضايا العامة في إفريقيا.
5) تعزيز التعايش السلمي بين أطياف المجتمعات الإفريقية.
6) فتح قنوات اتِّصال وتفاعل مع التجمعات الإسلامية الأخرى لخدمة قضايا المسلمين العامة.
* تعد إفريقيا القارة المسلمة الأولى في العالم إِذْ تتجاوز نسبة المسلمين فيها أكثر من 50 في المئة من تعداد سكانها.. وهي الأكثر مشكلات حيث الفقر والجهل والتنصير وغير ذلك.. ما الذي يمكن أن يقدمه الاتحاد للمسلمين في إفريقيا؟
- انطلاقا من رؤية الاتحاد نسعى إلى القيام بدور مؤثر في مواجهة التحديات التي تواجه القارة بصفة عامة والمسلمين بصفة خاصة من خلال التعاون أو التكامل مع الجهات الأخرى حكومية أو غيرها؛ لتوجيه الفرد والمجتمع نحو المسار السليم للاستفادة من الموارد الهائلة في القارة البشرية والطبيعية والمعدنية وغيرها؛ مما يؤدي إلى التغلب على تحديات الجهل والفقر وما ينتج عنهما من الأمراض والنزاعات.
وأعضاء الاتحاد المنتشرين في القارة هم قادة الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة من خلال مؤسساتهم ومراكزهم ومساجدهم؛ فهم سدٌّ أمام التنصير والدعوات الأخرى المناهضة بجهودهم في نشر الإسلام الصحيح المبني على الوسطية البعيد عن الغلو والتميع.
* ما الدور المتوقع للاتحاد في النزاعات المحلية والإقليمية التي تعاني القارة الإفريقية آثارها السلبية؟
- هذا الجانب يُعدُّ من أهم دواعي إنشاء الاتحاد؛ فالعلماء لهم دورهم في حلّ النزاعات بمستوياتها وأسبابها المختلفة؛ ولهذا الغرض توجد لجنة دائمة للاتحاد باسم لجنة الحوار والمساعي الحميدة؛ ونأمل أن يكون لها أثر بعون الله في إخماد الكثير من النزاعات في إطار التنسيق والتعاون مع الجهات الأخرى التي تعمل في الاتحاد ذاته.
ومع هذا الأمل لا بد أن ندرك أن بعض هذه النزاعات لها من التعقيدات ما يجعل المهام صعبا ولا نقول مستحيلا؛ فالتدخلات والأطماع الخارجية من القوى الكبرى من دول وشركات تعمل بلا هوادة في تأجيج بعض النزاعات في إطار الصراع على المصالح الاقتصادية.
* كيف تنظرون للجهود التي تضطلع بها المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين في العالم، وفي القارة الإفريقية على وجه الخصوص؟
- جهود المملكة العربية السعودية في خدمة الإسلام والمسلمين في إفريقيا أمر بارز للعيان من خلال مشروعات البنية التحتية والمشروعات التعليمية والمراكز الإسلامية والمساجد، وتوزيع المصاحف والكتب والمعونات وغيرها؛ ويتوج ذلك كلّه إعداد قادة العمل الإسلامي في القارة من خلال الأعداد الكبيرة التي تلقت تعليمها في جامعات المملكة؛ فهؤلاء بمثابة العمود الفقري للمجتمعات الإسلامية في إفريقيا.
* هناك الآلاف من العلماء والدعاة من إفريقيا ممن درسوا في جامعات المملكة العلوم الشرعية.. كيف يمكن الإفادة منهم لنشر الإسلام الصحيح، وماذا عن علاقة الاتحاد بهم؟
- كما أسلفنا في جواب السؤال السابق؛ هؤلاء الآلاف الذين تخرجوا في جامعة المملكة هم قادة المؤسسات الدعوية وأئمة المساجد المركزية ورؤساء الكثير من الهيئات الإسلامية في بلادهم؛ هذا هو الواقع المشاهد بفضل الله تعالى ثم بفضل التكوين الذي حذوا به، وأهلهم لتبوأ هذه المهام؛ وكلما أمكن إيجاد قنوات للتنسيق بينهم في الخطط والبرامج والأنشطة كانوا أكثر تأثيرا في مجتمعاتهم.
ومن هنا يأتي دور اتحاد علماء إفريقيا كهيئة تنسيقية؛ فبسبب الواقع الذي ذكرنا نجد أن خريجي جامعات المملكة هم الثقل في أعضاء اتحاد علماء إفريقيا وقيادته، فمنهم رئيس المكتب ورئيس مجلس الأمناء والأمين العام وغير ذلك من المواقع القيادية ولم يكن ذلك على سبيل الانتقائية والتحيز، بل انعكاسا لمكانتهم وتأثيرهم في بلادهم؛ ويوجد كثيرون أيضاً من أعضاء الاتحاد ممن درسوا في جامعات أخرى داخل القارة وخارجها؛ بل فيهم من خريجي الجامعات المحلية والحلق العلمية؛ وكلهم ينضمون تحت لواء الاتحاد في نشر المفهوم الصحيح عن الإسلام على منهج أهل السنة والجماعة؛ وذلك سعيا إلى تنسيق الجهود وتبادل الخبرات والتكامل في المواقف والأدوار.
* هل ترون أن كثرة إنشاء الاتحادات والجمعيات والمراكز والهيئات الإسلامية في إفريقيا تمثل ظاهرة صحية للعمل الإسلامي؟
- نرى أنها ظاهرة إيجابية للعمل الإسلامي إذا كانت على أساس التخصص والتكامل لا التنازع والتنافر؛ فاتحاد علماء إفريقيا هو الكيان الأول من نوعه الذي يجمع العلماء من هذا الجزء الكبير من القارة (جنوب الصحراء) والتي يبلغ عدد دوله 48 ثمانية وأربعين دولة؛ ولا يمنع ذلك من وجود هيئات إقليمية أو جمعيات محلية؛ ويتم التنسيق بينها في إطار آليات محددة؛ أو وجود هيئات متخصصة في جانب معين مثل اتحاد الإذاعات الإفريقية الهادفة (الإسلامية) والذي أنشئ قبل سنتين، أو رابطة المنظمات والجمعيات الخيرية (الإسلامية) والتي تأسست في العام الماضي الهجري.
* ما استراتيجية الاتحاد في علاقاته مع وزارات الشؤون الإسلامية في العالم الإسلامي، والمؤسسات والهيئات الإسلامية العالمية في بلدان العالم؟
- يسعى الاتحاد إلى إيجاد علاقات تنسيق وتعاون بل وشراكة مع وزارات الشؤون الإسلامية في العالم الإسلامي والمؤسسات والهيئات الإسلامية العالمية؛ ولاسيما في القضايا التي تهم القارة الإفريقية؛ ويشمل مجالات التعاون إقامة المؤتمرات والملتقيات وتنظيم الدورات والبرامج التدريبية والإعلامية وغيرها.
ووقع الاتحاد مذكرات تفاهم واتفاقيات تعاون مع بعض تلك الهيئات، والعمل جار إلى المزيد من ذلك في إطار المصالح والأهداف العليا.
ونطمح إلى إيجاد علاقة متينة بوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة؛ لما لها من جهد بارز في ميدان العمل الإسلامي في إفريقيا من خلال برامجها المتنوعة ودعاتها الذين ينتمي بعضهم إلى الاتحاد.
* ماذا تودون أن تقولون في ختام اللقاء؟
- في ختام هذا اللقاء نشكركم على إتاحة الفرصة لهذا الحوار الذي سيلقي الضوء على مسيرة هذا الاتحاد الناشئ، مما يفتح الباب بإذن الله تعالى للمزيد من التعاون للنهوض بالأمة الإسلامية في إفريقيا.