بيروت - د ب أ:
يعاني اللاجئون السوريون في لبنان منذ أوائل هذا الأسبوع من الصقيع والثلوج، حيث تهب على منطقة الشرق الأوسط في الوقت الحالي عاصفة «زينة» مخلفة وراءها طبقة سميكة من الثلوج على قمم المناطق العالية. وتظهر الصور التي نقلتها شاشات القنوات العربية لاجئين يناضلون ضد الثلوج في سهل البقاع، من بين هؤلاء اللاجئين من لم يجد سوى خف يلبسه في هذا الجو البارد.
لا تبدو في الأفق نهاية لمعاناة اللاجئين السوريين. ويبين تقرير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مدى مأساوية وضع هؤلاء اللاجئين.
لم تكن سورية قبل عامين ضمن أول 30 دولة في العالم يفر منها سكانها هرباً من العنف والفقر، ولكنها أصبحت الآن تحتل المركز الأول في هذه القائمة حيث سجلت المفوضية أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري في بلدان أخرى منذ اندلاع الحرب الأهلية في ربيع عام 2011.
تعاني الدول المجاورة لسورية من وطأة أعباء اللاجئين السوريين الذين نزحوا إليها حيث تأوي لبنان بحسب المفوضية 1.1 مليون لاجئ، وتأوي تركيا 798 ألف والأردن 646 ألف وكذلك العراق 220 ألف لاجئ رغم أنه يعاني هو الآخر من موجات عنف وتهجير وزحف من قبل مليشيات تنظيم داعش.
تبذل الحكومات والمنظمات المعنية جهوداً حثيثة لتوفير الحاجات الأكثر إلحاحاً لهؤلاء اللاجئين في ظل عدم توفر الإمكانيات اللازمة. وأصبح البرنامج العالمي للتغذية عاجزاً منذ مطلع كانون أول/ديسمبر الماضي عن توفير كوبونات صرف السلع الغذائية للاجئين بسبب نقص التمويل المالي، وذلك بسبب عدم وفاء الجهات الدولية المانحة بالتبرعات التي تعهد بها قبل أن يوجه البرنامج العالمي للتغذية نداء استغاثة تلقى على إثره نحو 65 مليون يورو.
يواجه اللاجئون في اليونان وضعاً مأسوياً بشكل خاص، ليس فقط بسبب طقس الشتاء بل لأن مساحة لبنان التي يبلغ تعداد سكانها نحو ستة ملايين نسمة صغيرة أصلاً.
كما أن انقسام لبنان بين الطوائف الدينية أدى إلى توازن سياسي غير مستقر ومعرض للخطر من قبل هذا النزوح الجماعي للاجئين السوريين. وكثيراً ما ينتقل العنف عبر الحدود من سورية إلى لبنان، وليست هناك معسكرات لاجئين رسمية للسوريين في لبنان حتى لا يبقوا هناك وقتاً أكثر من اللازم.
وتناضل منظمات إغاثية من أجل توفير الضروريات الملحة لهؤلاء اللاجئين الذين يتوزعون في الكثير من أرجاء لبنان ويصعب العثور عليهم حيث يعيشون في أي مكان يتوفر فيه ملاذ آمن لهم، سواء كانت مساكن خاوية أو جراجات أو خيام. يؤكد المتحدث باسم المفوضية السامية للاجئين (رون ريموند) أن الكثير من هؤلاء اللاجئين يعيشون «في ظروف مخيفة». كما أن اللاجئين يغيرون التركيبة السكانية للبلاد التي يحلون بها بشكل هائل، كما حدث على سبيل المثال في الأردن.
فحسب المشرف على دراسة لمؤسسة أعدت بتكليف من مؤسسة كونراد أديناور الألمانية فإن عدد اللاجئين السوريين وصل 110 ألف لاجئ في مدينة المفرق وهو يزيد عن عدد السكان الأصليين رغم أن مرافق المدينة لا تكفي سكانها الأصليين حسبما أوضح خالد الوزاني. كما تشهد العاصمة الأردنية والمحافظات المختلفة تساقطاً شديداً من الثلوج حيث غمرت المناطق المختلفة فيما علقت الوزارات أعمالها توقفت الامتحانات التوجيهية وأجلت العديد من الرحلات الجوية وتدنت درجة الحرارة إلى أقل من الصفر.
هذا تُشير آخر البيانات المستلمة من نماذج التنبؤات الجوية الحاسوبية وصور الأقمار الاصطناعية إلى أن تأثير العاصفة بدأ يزداد على الأردن. فقد بدأ تساقُط الثلوج على فترات في أجزاء واسعة من شمال ووسط المملكة الأردنية بما في ذلك أجزاء من العاصمة عمّان، وبدأ تراكم الثلوج وإغلاق الطرقات في أجزاء من محافظات إربد وعجلون وجرش والبلقاء والعاصمة عمّان، ويُتوقع أن يزداد تأثير العاصفة بشكل كبير خلال الساعات القادمة نتيجة اندفاع استمرار تدفق كُتلة قطبية/قارسة البرودة مُباشرة من القُطب الشمالي إلى المنطقة، ويستمر تأثيرها لأيام عدّة.