نسير على خطى الواقع...
والذكريات تؤرقنا بين لحظة وأخرى...
لم أنس ملامحها الجميلة رغم انكسارات الزمن...
وسنينه القاسية عليها...
ما أجملها حينما تريديني ان أمشط شعرها...
تغمِزُني بعينها الحانية وتلك الابتسامة العذبة...
تكتفي بذلك إشارة بيننا...
وأفهمُها وآتيها مسرعة بإدواتي...
تنثر ذاك الشعر الابيض الذي كل جزء منه...
له حكاية عبر الزمن...
له رواية...
له درس تعلَمتُه...
له حكمة أخذتها...
تنبعِثُ رائحة الورد والمسك منها...
كأنها الشابة التي تتزين في يوم زواجها...
هكذا هي...
رغم هذه السنين الا أن الجمال مازال ينطق من وجهها الوضاء...
كلما داعبت يدي شعرها الأبيض دعت لي بالتوفيق...
كلما ضاقت بي الدنيا أتيت الى حضنها الدافئ وارتميت فيه...
وأخذت أشكي لها قسوة الزمان علي...
وتتركني وما أشاء...
ويداها تحتضنني وتلاعب شعري...
ولا أسمع الا الدعاء لي بالتوفيق وذكر الله وآيات الصبر والثبات....
فأقبل ذاك الرأس العظيم...
وذاك الخد البراق....
وتلك اليد الناعمة...
أتيت من المدرسة كعادتي وأتجه الى فراشها مسرعة...
لكن اليوم غير الأيام...
لم أجدها!!
أين جدتي ؟؟
أين أمي؟؟
لا أحد يجيب... الإجابة:
في المستشفى... ماذا !!؟؟
وفي المستشفى رفعت ذاك الستار....
فإذا بها ملقاة تحت ذاك الغطاء الأبيض...
وأمي بجوارها كجبل رسا مكانه والنهر ينحدر من أعلاه...
نعم... ف ا ر ق ت ا ل ح ي ا ة
آآآآآه يالغاليه...
أين ذاك الحضن الذي أحتاجه اليوم لأرتمي فيه كعادتي...
كم أنا بحاجتك اليوم...
لأشكو لك مابي...
كم بكيتك بالأمس....
وكم سأبكيك الِيوم...
لم أر من هو في طُهركِ... ونقائكِ... وإيمانك بالله...
رحمك الله رحمة واسعة... وأسكنك فسيح جناته...
وجمعني بك في جنة الخُلد....
- الجوهرة العنزي