من أسعد الأوقات التي يعشها الإنسان هي لحظات التكريم، لأنها تكون خالصة من أي لون من ألوان التزلف أو المجاملة والمحاباة، وممثلة لمعنى من أسمى المعاني الإنسانية، ومصاغة في قيم عالية رفيعة نحتاج إليها في هذا الزمان.
فالتكريم سلوك إنساني نبيل ينم عن نفسية راقية تقدر وتحترم الآخرين.. ولحظة الاعتراف بعطاءاتهم، تقديراً لهم على عملهم المتميز، الذي أسعد الجميع.
وكم هو جميل أن يشعر الإنسان بأن هناك من يقدر عمله ويثمن جهوده ويسعى لتكريمه..
ولنا أن نتخيل شعور الامتنان والسعادة وأيضاً الدفعة المعنوية التي يمنحها التكريم لمن يحصل عليه، عندها يصبح أي مجهود مستساغاً ومقبولاً وممتعاً.
هذا السلوك تعبير عن العلاقة بين الوطن والمستقبل، وبتعبير أدق قوة العلاقة بين الأمة وأبنائها المخلصين..
ومن الطبيعي أن يكون التكريم حليف هؤلاء، وهو الذي ينبغي أن يبحث عنهم ويأتي إليهم وليس هم من يسعون إليه.
وبقدر ما تزداد معرفة المسئولين في الدولة بأهمية المخلصين والمميزين على رسم المستقبل، أو على الأقل قراءة الحاضر، تتجه مسيرة الوطن نحو الأمام..
لهذا فإننا نجد المجتمعات الذكية هي التي تقوم بتكريم أبنائها لضمان رقيها وتقدمها ودفع عجلة التنمية فيها.
ومبادرة صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض لتكريم صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات، في حفل حضره لفيف من الأمراء والمسؤولين بقصر الحكم مساء الأربعاء 9 ربيع الأول 1436هـ، 31 ديسمبر 2014م، أتى انسجاماً مع اهتمام الدولة بأبنائها المخلصين الذين يساهمون في بنائها ونهضتها، وإيماناً بالدور الرائد والعطاء المميز الذي الأمير خالد بن بندر إبان توليه إمارة منطقة الرياض قبل نحو عامين وما بذله سموه من جهود ملموسة ومشاهدة على مختلف الأصعدة، وشهدت المنطقة في عهده العديد من المشاريع والإنجازات والعطاءات المميزة، ففي فترة لم تتجاوز أربعة عشر شهراً حقق إنجازات كبيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر طريق العروبة وسط مدينة الرياض، والتأسيس لمشروع الملك عبدالله للنقل العام، وقدم فكرة إنشاء «مترو الرياض» الذي أمر خادم الحرمين الشريفين وضعها قيد التنفيذ، إلى جانب أفكار عديدة رفد فيها العمل بالإمارة، استمد ذلك من توفيق الله ثم دعم وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد.
وقال في حفل تكريمه: «نعلم يقينا أننا مهما قدمنا لسموه فلن نوفيه حقه الكبير علينا جميعا وعلى وطنه الذي خدمه بكل ما يملك وترك بصماته الظاهرة للعيان في شتى المجالات التي جسدت عطاءه غير المحدود لهذا الوطن ومساهماته الفاعلة في خدمته وخدمة قادته حتى أصبح مضرب المثل وموضع القدوة».
وتابع سموه يقول «يتواصل النهل من معين هذا الرجل المميز الذي ستبقى إنجازاته وعطاءاته خالدة لا تغيب شاهدة له بالمحبة والإخلاص في العمل، وبذل الغالي والنفيس في خدمة الوطن في توازن واعتدال في اتخاذ القرارات ومشاركة فاعلة في إكمال مسيرة البناء والتفاني في متابعة مشاريع التنمية في المملكة كلها».
وبيّن سموه أن مسيرة الأمير خالد العملية تحمل تاريخا حافلا من الإنجازات وشواهد مضيئة من المواقف المشرفة، وأن احتفاءهم بسموه هذا المساء هو احتفاء رمزي بخالد العطاء والإنجاز والذكرى الجميلة، وهو رمز معبر عن المحبة والوفاء والعرفان من كل أبناء المنطقة».
هذا الرجل الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز يستحق فعلاً التكريم لأنه قدم ولا يزال يقدم الكثير لوطنه، ومثل هؤلاء هم من يجب أن يكرموا.
فمسيرته سجل حافل بالإنجازات والتدريبات العسكرية التي جعلته قائداً من طراز فريد، فهو الابن الثالث للأمير بندر بن عبد العزيز آل سعود، ويتمتع بعدة ميزات أهلته لتولي مناصب حساسة.
وقد وصف سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ سموه بالقول: «أطل علينا الأمير خالد بن بندر في إمارة منطقة الرياض ما يزيد على السنة وما عرفنا منه إلا حسن الخلق وحسن السيرة والتعامل، ثم خلفه الأمير تركي بن عبدالله وما عرفنا منه إلا الصدق في العمل وإنجاز الأعمال وإتمامها».
ولقد جسد الأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز هذا الوصف على أرض الواقع مؤمناً - كما جاء في كلمته في حفل التكريم «بأن محبة الأوطان سنة كونية وفطرة ربانية خلق الله بها عباده يتوارثها الأبناء عن الآباء جيلا بعد جيل, يتلذذ الإنسان بالبقاء في وطنه ويحن إليه إذا غاب عنه, ومن نعم الله علينا أن أسكننا هذا الوطن الذي اختاره الله تعالى ليكون مهبط الوحي، ومعقل السلام، وقلعته العتيدة، وحصنه المنيع، ومخزن قيمه الحضارية، وأصالته الفكرية، ومأوى أفئدة المسلمين، ومقصدهم في صلاتهم وأداء نسكهم».
وأضاف سموه «إن من نعم الله علينا في هذا الوطن أن قيض لنا ولاة أمر مخلصين أقاموا دولة الدين وحكموا شرع رب العالمين وعملوا بسنة خير المرسلين لتنشأ دولة فتية تزهو بتطبيق الشريعة الإسلامية وتصدح بتعاليمها السمحة وقيمها الإنسانية منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- وحتى عهدنا الزاهر, عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- الذي لم يألُ جهدا في خدمة دينه ووطنه، باذلا كل الجهد لخدمة الإنسان وتنمية الوطن, فأضحى وطننا منبرا للسلام، ورمزا للأمن والاستقرار».
وتابع سموه قائلا «يعيش الوطن نهضة تنموية شاملة في مختلف المجالات وجميع القطاعات، ويسير بخطى حثيثة نحو مستقبل باهر -بإذن الله-، في الماضي القريب تشرفت بالعمل في إمارة منطقة الرياض خادما لوطني وعاملا بتوجيهات ولاة أمري, مقتديا بنهج أسلافي من أصحاب السمو الملكي أمراء منطقة الرياض (رحم الله المتوفى منهم، وأطال في عمر باقيهم)، مستعينا بالله - عزّ وجل- ثم بمعاونة ومؤازرة أخي الأمير تركي وخيرة من الرجال النبلاء, ومساندة أهالي منطقة الرياض الأوفياء الذين أعانوني على القيام بأداء الواجب وإكمال المسيرة في فضاء مفعم بالحب والولاء والانتماء لهذا الوطن الغالي وقيادته».
وأردف سموه في كلمته «حينما تلقيت الدعوة من أخي الوفي الأمير تركي بن عبدالله, آثرت أن يكون اللقاء بكم تجديدا وليس تكريما، فما أنا إلا خادم من خدّام الوطن وواحد منكم وما كنت إلا بدعم ولاة الأمر -حفظهم الله- وبمساندتكم ومعاضدتكم جميعا».
أما الداعي إلى حفل التكريم وراعي المناسبة الوفية فهو أمير الرياض تركي بن عبدالله؛ ذلك الأمير الشاب المتفوق المتواضع المحب لدينه ولمليكه ولوطنه ولمواطنيه
الذي يواصل إنجازات أمرائها وحراسها السابقين ابتداء من الأمير محمد بن سعد بن زيد عام 1348هـ، ومروراً بالأمراء ناصر بن عبدالعزيز، وسلطان بن عبدالعزيز، ونايف بن عبدالعزيز، وسلمان بن عبدالعزيز، وتركي بن عبدالعزيز، وفواز بن عبدالعزيز، وبدر بن سعود بن عبدالعزيز، ثم سلمان بن عبدالعزيز مرة أخرى، وسطام بن عبدالعزيز، ومحمد بن سعد بن عبدالعزيز، والأمير خالد بن بندر بن عبدالعزيز..
أحد عشر كوكباً أعطوا من عمرهم وبذلوا من عرقهم وجهدهم لتكون الرياض تلك العاصمة الكبيرة الجميلة التي نلمسها ونراها بأعيننا وهي تنمو وتزدهر يوماً بعد يوم.
ذلك الأمير الذي سبق وأن أجرينا معه أول حوار ينشر في الصحف السعودية له، وقتها توسمنا فيه وتوقعنا هذا المستقبل الذي يدعو للفخر والذي عليه الأمير تركي الآن..
كما نتوسم اليوم ونتوقع أن تكون الرياض في عهده حاضرة في أذهان الجميع ترنو إليها العيون وتهفو إليها القلوب من كل مكان وقد استكملت نهضتها وازدانت أكثر وأكثر بأفكاره وإنجازاته وحرصه على أن تكون العاصمة الأولى في كل شيء جميل.
وفي الختام..
التكريم رسالة عرفان وتقدير محفزة لأصحاب الإنجازات الكبيرة، وفي الوقت نفسه دافع ودعوة لغيرهم للاقتداء بهم وحافز على الجدّ والاجتهاد.