«لو كان الفقر رجلاً لقتلته» هذه عبارة قالها من قالها حاثاً على التخلص منه، وقد سبقه عروة بن الورد الشاعر الجاهلي الذي حاول مكافحة الفقر قائلاً:
دَعيني لِلغِنى أَسعى فَإِنّي
رَأَيتُ الناسَ شَرُّهُمُ الفَقيرُ
وَأَبعَدُهُم وَأَهوَنُهُم عَلَيهِم
وَإِن أَمسى لَهُ حَسَبٌ وَخيرُ
وَيُقصيهِ النَديُّ وَتَزدَريهِ
حَليلَتُهُ وَيَنهَرُهُ الصَغيرُ
وَيُلفى ذو الغِنى وَلَهُ جَلالٌ
يَكادُ فُؤادُ صاحِبُهُ يَطيرُ
غير أن الفقر درجات تتباين وتتقارب حسب أحوال الناس، فهناك الفقير وهناك المسكين. وقد عرَّف الفقهاء الفقير بأنه من لا يجد شيئا، وعرفوا المسكين بأنه من يجد شيئاً ولكن لا يكفيه، قال تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} فهم مساكين على الرغم من أن معهم سفينة.
وباعتبار الفقر حالة خاصة فقد حُدِّدت وصارت لها صفات وخصائص تفرقها عن غيرها وتعالوا بنا نتعرف علي الفقر أكثر:
الفقر لغة العوز والحاجة، والفقر اصطلح عليه بعض الفقهاء بأنه عدم ملك نصاب الزكاة.
فقد سُمّي من ملك النصاب غنياً وذلك في قوله لمعاذ بن جبل: (فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإنَّ هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم).
وقد وردت لفظة الفقر في القرآن صريحة ثلاث عشر مرة، منها قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء} (268 سورة البقرة) كما وردت ألفاظ مشابهة أو قريبة لمعنى الفقر كالإملاق، والبائس، والقانع، والمعتر، والمسكين.
وهناك خط الفقر: وهو أدنى مستوى من الدخل يحتاجه المرء أو الأسرة حتى يكون بالإمكان توفير مستوى معيشة ملائم في بلدٍ ما.
ونوع آخر من الفقر وهو الفقر المدقع وهو درجة من الفقر لا تتوفر المتطلبات الدنيا الضرورية من حيث المأكل والملبس والرعاية الصحية والمسكن.
وقد اعتبره البنك الدولي 1.25 دولار أمريكي للفرد في اليوم.
دراسة قام بها الدكتور راشد الباز (أستاذ الخدمة الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود) تشير إلى أن خط الفقر للمواطن السعودي يبلغ 298.6 دولاراً بالشهر - بعد احتساب أجرة المنزل.
إجمالي الناتج المحلي: وهو القيمة السوقية لكل السلع والخدمات المعترف بها محلياً والتي تنتجها الدولة خلال فترة لكل السكان، ولنأخذ المثال الآتي دولة ما اسمها «س» تنتج 100 تريليون دولار، وعدد سكانها 250 مليون نسمة فإنَّ إجمالي الناتج المحلي للفرد يساوي 400 ألف لكل شخص، وذلك بقسمة الـ100 تريليون على المئتين والخمسين مليونا.
هذا المؤشر تقريبي وليس دقيقاً ولكنه مستخدم كثيراً لدى الجهات الإحصائية، ويمكنه أن يعكس الحالة الاقتصادية للبلد والحالة المعيشية للفرد أو يعطي فكرة عن الوضع.
ووفقا لإحصائيات حديثة فقد سجلت تشاد أعلى نسبة فقر حيث إن 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر بينما سجلت تايوان أقل نسبة فقر.
يشير برنامج الأمم المتحدة إلى أن خُمس سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر أي مليار ونصف المليار، وهناك 800 مليون شخص عرضة لأن يصبح فقيراً في حالة حدوث كوارث أو أزمات محتملة.
ولكي تكافح فقرك كما فعل الشاعر الذي حدثتك عنه في أول المقال هذا، عليك الأخذ بأسباب الرزق وذلك باكتساب مهارة يحتاجها الناس فتجد مصدر دخل، ولتكافح فقر الآخرين خصص نسبة من دخلك ولو بسيطة للمحتاجين ألم يقل الله - عزَّ وجلَ - : {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ. لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (24 - 25 سورة المعارج).